الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[المجاز]

صفحة 287 - الجزء 1

  (حُمِل على المجاز(⁣١)) في أحدهما والحقيقة في الآخر، أي: يحمل على أنه مجاز في أحدهما، وحقيقة في الآخر، ولا يحمل على أنه مشترك. وذلك كالنكاح، فإنه يحتمل أنه حقيقة في العقد مجاز في الوطء، وأنه مشترك بينهما، أي: حقيقة فيهما، فيحمل - حينئذ - على أنه مجاز في الوطء، حقيقة في العقد؛ ولا يحمل على أنه مشترك بينهما؛ لأن المجاز أكثر وأغلب من الاشتراك، عُلم ذلك بالاستقراء، والظن يقضي بأن المفرد يلحق بالأغلب. ولأنه قد يكون أبلغ من الحقيقة⁣(⁣٢)، فإن قولك: «اشتعل رأسي⁣(⁣٣) شيبا» أبلغ من قولك: «شِبْتُ⁣(⁣٤)». ولأنه لا يخل بالفهم؛ إذ يحمل مع القرينة عليه، ومع عدمها على الحقيقة، بخلاف الاشتراك عند خفاء القرينة فإنه لا يفهم⁣(⁣٥) منه شيء على التعيين. ولأن المجاز تكفي فيه قرينة واحدة⁣(⁣٦)، والمشترك لا بد فيه من قرينتين.


= مشتركاً، فمرادهم أن حمل الدائر مع القرينة على أنه مجاز والقرينة صارفة أولى من حمله على الاشتراك والقرينة معينة. ويؤيد هذا قولهم: إذا دار ا للفظ بين الاشتراك والمجاز، والمعلوم أنه لا يحتمل المجاز إلا مع ا لقرينة، وبهذا يظهر ضعف ما يقال: إنه يحمل المشترك على المجاز مع القرينة وهو قول الإمام يحيى #، والحفيد. فصول، مع تغيير. قال الأصفهاني في شرح المختصر ما لفظه: أقول المسألة الثانية في تعارض المجاز الاشتراك وهما من الأحوال المخلة بالفهم، والتعارض بينهما إنما يتصور بأن يكون اللفظ حقيقة بالنسبة إلى أحد مدلوليه، ثم تردد الذهن في كونه حقيقة بالنسبة إلى المفهوم الثاني حتى يلزم الاشتراك، أو غير حقيقة حتى يلزم المجاز، وإذا كان كذلك فحمله على المجاز أولى وأقرب من حمله على الاشتراك.

(١) لنوعين من الترجيح، وهما: فوائد المجاز، ومفاسد الاشتراك.

(٢) أي: يكون أدل على تمام المقصود؛ لأن قولنا: «أسد» أتم دلالة على شجاعته من قولنا: زيد شجاع، أو زيد كالأسد، يدرك ذلك صاحب الذوق السليم، وما كان أبلغ فهو أولى. أصفهاني.

(٣) استعارة لإنتشار بياض ا لشيب في سواد الشباب. قسطاس.

(٤) هاتان فائدتان من فوائد المجاز المذكورة في مواضعها. قوله: هاتان فائدتان ... إلخ، ومنها: أن المجاز قد يكون أوجز في اللفظ ويقوم لفظ المجاز مقام الموصوف والصفة، كقولنا: «رأيت أسداً» فإن الأسد يقوم مقام قولنا رجل شجاع. ومنها: أن المجاز أوفق للطباع؛ لأنه قد يكون أحسن في العبارة، كالتعبير على إيلاج الذكر في الفرج بالجماع، ولقوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}⁣[البقرة ١٨٧]. أصفهاني على المختصر.

(٥) هذه واحدة من مفاسد الاشتراك، وهي ثلاث، ذكره الأصفهاني في شرحه على المختصر.

(٦) هاتان مفسدتان من مفاسد الاشترك، أعني الإخلال بالفهم، والاحتياج إلى قرينتين. ومنها: أنه لا =