الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[المجاز]

صفحة 289 - الجزء 1

  (وغير ذلك) من قرائن المجاز.

  وأما قرائن الحقيقة⁣(⁣١) فهي إما: سبق فهم جماعة⁣(⁣٢) من أهل اللغة إلى أحد المعنيين بدون قرينة، فإن هذا يدل على أن اللفظ حقيقة في ذلك المعنى⁣(⁣٣)، كما روي أن الرسول ÷ لما سمع قول العباس بن مرداس:

  أيقسم نهبي ونهب العبيد ... بين عُييْنة والأقرع

  قال: «اقطعوا لسانه»، تجوزا في تسكيته بالعطاء، فتبادر إلى فهم بعضهم أن المراد القطع حقيقة، أي: بالسكين، وسبق الفهم إليه لعدم القرينة؛ فدل ذلك على أن اللفظ حقيقة فيما سبق الفهم إليه؛ لأن السامع لو لم يعلم أن الواضع وضعه له لم يسبق فهمه إليه دون غيره.

  وأما⁣(⁣٤) تَعَرِّي اللفظ عن القرائن، حيث سمعنا العرب يُعبِّرون بلفظ واحد عن معنيين، لكن لا يستعملونه مع أحدهما إلا بقرينة، ومع الآخر بغير قرينة، فيكون اللفظ في المعنى الآخر حقيقة، كلفظ الأسد، فإنه يُستعمل في الرجل الشجاع، وفي السبع المفترس، لكن في الرجل بقرينة، وفي السبع بغيرها.

  وإما أن ينص إمام في اللغة على أن هذا اللفظ حقيقة أو مجاز. ونحو ذلك⁣(⁣٥) من القرائن كثير.

  * * * * *


(١) أي: خواص الحقيقة؛ إذ لا قرينة في التحقيق.

(٢) قلت: أو واحد.

(٣) فإن قيل: المشترك إذا تجرد عن القرينة لا يسبق إلى الفهم منه شيء، مع أنه حقيقة في كل من أفراده. قلنا: العلاقة تستلزم الاطراد لا الانعكاس.

(٤) عطف على قوله: إما سبق ... إلخ.

(٥) كأن يذكر لها خاصة تميزها عن المجاز، نحو أن يقول: هذا اللفظ لا يفتقر في هذا المعنى إلى علاقة.