الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الأمر]

صفحة 291 - الجزء 1

  «ليرضعن»، كما يأتي الخبر بصيغة الأمر⁣(⁣١)، كقوله ÷: «إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»، أي: «صنعت»، ونحو ذلك.

  وقوله: «على جهة الاستعلاء» ليخرج ما كان على جهة التسفل، وهو الدعاء، نحو: «اللهم اغفر لي»، وما كان على جهة التساوي، وهو الالتماس، كقولك لمن يساويك رتبة: «افعل كذا».

  ومنهم من يشترط⁣(⁣٢) العلو⁣(⁣٣)، ومنهم من لم يشترطهما. والأول: هو المختار⁣(⁣٤). والفرق بين العلو والاستعلاء: أن العلو: هو أن يكون الطالب أعلا مرتبة من المطلوب منه، فإن تساويا فالتماس، أو كان الطالب دون المطلوب فهو دعاء. والاستعلاء: هو الطلب لا على جهة التذلل، بل بغلظة ورفع صوت. وحاصله: أن العلو صفة المتكلم، والاستعلاء صفة الكلام⁣(⁣٥).

  وقوله: «مريدا لما تناولته» أي: الصيغة؛ ليخرج التهديد، نحو {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}⁣[فصلت ٤٠].

  (والمختار) عند الأكثر من العلماء (أنه) أي: الأمر (للوجوب) أي: حقيقة


(١) في شرح الغاية: نحو قوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا}⁣[التوبة ٨٢]، وقوله ÷: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ماشئت»، رواه البخاري عن ابن مسعود وعقبة بن عامر الأنصاري البدري. وفي رواية الطبراني في أكبر معاجمه: «آخر ما كان من كلام النبوة إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت»، أي: من لا يستحي فهو يصنع ما يشاء، وهذا هو الأظهر. وقيل: معناه: إذا لم تستح من شيء لكونه جائزاً فاصنعه؛ إذ الحرام يستحى منه، بخلاف الجائز. وقيل: معناه: إذا أردت فعل شيء فاعرضه على نفسك، فإن استحيت منه لو اطلع عليه غيرك فلا تفعله، وإن لم تستحِ منه صنعته. وقيل: إنه على طريق المبالغة في الذم، أي: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت، فترك الحياء أعظم مما تفعله؛ لأن السياق في مدح الحياء.

(٢) في المخطوطتين: اشترط.

(٣) الأشعري وأتباعه. قال في الفصول: جمهور الأشعرية: ولا يعتبر فيه علو ولا استعلاء.

(٤) كما هو رأي أئمتنا، وأبي الحسين البصري، وأبي اسحاق الشيرازي، وابن الحاجب، وأكثر المتأخرين، ونقله صاحب الملخص عن أهل اللغة، وجمهور أهل العلم، واختاره. ح غ.

(٥) بل هو صفة للمتكلم أيضاً.