الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الأمر]

صفحة 294 - الجزء 1

  إليه. والعلاقة بين الندب والوجوب مشابهة معنوية، وهي الاشتراك في الطلب⁣(⁣١).

  وأما الإباحة⁣(⁣٢) فكقوله تعالى: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ}⁣[المؤمنون ٥١].

  قيل: وأما قوله تعالى: {وكُلُوا وَاشْرَبُوا}⁣[الأعراف ٣١]، فلا يكون للإباحة؛ لأن الأكل والشرب واجبان⁣(⁣٣) لإحياء النفس.

  واعلم أنه يجب أن تكون الإباحة معلومة من غير الأمر؛ ليكون قرينة لحمله على الإباحة، كما وقع في إباحة الأكل من الطيبات. والعلاقة⁣(⁣٤) هنا هي الإذن، وهي مشابهة معنوية، فاستعمال صيغة الأمر في هذين استعارة؛ لأن العلاقة هي المشابهة كما ترى.

  وأما التهديد فكقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}⁣[فصلت ٤٠]، فليس المراد الأمر بكل عمل شاءوا، وذلك ظاهر، بل المراد التخويف والتهديد. وهو أعم من الإنذار؛ لأنه⁣(⁣٥) إبلاغ مع التخويف. مثاله قوله تعالى: {قُلْ تَمَتَّعُوا(⁣٦)}⁣[إبراهيم ٣٠].


= حديث عمر المذكور، وما ذكره في المستصفى والمحصول من أنه قاله رسول الله ÷ لابن عباس غير معروف. ح - غ.

(١) قال في شرح الغاية: العلاقة بين الندب والوجوب إطلاق اسم المقيد على المطلق؛ لأن المعنى الحقيقي للصيغة هو طلب الفعل مع المنع من الترك، فاستعملت في مطلق الطلب.

(٢) ومنها الإذن، كقولك لمن طرق الباب: ادخل، وكقوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}⁣[المائدة ٢]، ومنهم من حاول الفرق بينه وبين الإباحة.

(٣) يقال: قد يوجد فيه معنى الوجوب حيث يكون تركه يؤدي إلى الإضرار بالنفس أو تلفها، وقد يكون للحظر حيث يؤدي إلى حصول المضرة كالتخمة ونحوها، وقد يكون مندوباً حيث يكون فيه تقوية على فعل الطاعة، وكالسحور، وقد يكون مكروهاً حيث يكون فيه تثقيل عن فعل شيء من المندوبات، أو اشتغال عنها، وقد يكون مباحاً حيث يعرى عن هذه الوجوه. شامي.

(٤) في شرح الغاية: والعلاقة هنا إطلاق اسم المقيد على المطلق؛ لأن طلب الفعل يتضمن الإذن فيه مع الرجحان، فاستعملت الصيغة في مطلق الإذن.

(٥) أي: الإنذار.

(٦) وقد جعله قوم قسماً من التهديد. والفرق بينهما أن التهديد هو التخويف، والإنذار إبلاغ المخوف كما هو تفسير الجوهري لهما؛ فيكونان متباينين. وقيل: الفرق بينهما أن الإنذار يجب أن يكون مقروناً بالوعيد كما في الآية المذكورة، والتهديد لا يجب فيه ذلك. وقيل: إن التهديد عرفاً أبلغ في الوعيد والغضب من الإنذار؛ فيتعاكسان في العموم والخصوص على هذين القولين. ح غ.