[الأمر]
  كونهم قردة - بخلاف الاهانة. ومعنى التسخير: الانتقال إلى حالة ممتهنة؛ لأن التسخير لغة: هو الذل والامتهان في العمل، ومنه قوله تعالى: {سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا}[الزخرف ١٣]، أي: ذَلَّلَهُ وأهانه لِنَركَبَه. والعلاقة فيه مشابهة معنوية، وهي التحتم في وقوعه وفي فعل الواجب(١).
  والإهانة، كقوله تعالى: {قُل كُونُوا حِجَارَةً(٢) أَوْ حَدِيداً}[الإسراء ٥٠]، فليس الغرض طلب ذلك منهم؛ لعدم القدرة عليه، ولا يحصل منهم أيضا، بل المقصود قلة المبالاة بهم. والعلاقة فيه هي المضادة؛ لأن الإيجاب على العباد تشريف لهم؛ لما فيه من رفع درجاتهم، بدليل قوله ÷: «ما تقرب المتقربون بمثل أداء ما افترضت عليهم»، أو كما قال.
  والالتماس: كقولك لمن يساويك رتبة: «افعل كذا». والعلاقة فيه: هي الطلب، ونحو ذلك كثير(٣)، مما يرد بصيغة الأمر ولم يُرَدْ به الوجوب.
  هذا، واعلم أن الأمر إنْ ورد مقيدًا بالمرة حمل عليها، وإن ورد مقيدا بالتكرار حمل عليه، وكذا الفور والتراخي؛ لأن ذلك قرينة دالة عليها. وإن ورد مطلقا - أي: غير مقيد بشيء من هذه القيود - فقد اختلف فيه من جهتين:
  إحداهما: هل يدل على المرة أم على التكرار؟ فقيل(٤): يدل على المرة.
  وقيل(٥): يدل على التكرار مدة العمر(٦).
(١) قال الآسنوي: وقد يقال: العلاقة فيه الطلب. ح فصول.
(٢) ونحو: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ٤٩}[الدخان].
(٣) كالتمني، نحو قوله:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي
والاحتقار، نحو: قوله تعالى: {أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ ٨٠}[يونس].
(٤) القاسم وأبو طالب والمنصور والشيخ الحسن، والملاحمية، والشيخان، وبعض الأشعرية. ح حا.
(٥) الهادي، والناصر، والمؤيد بالله، والقاضي جعفر، وأبو حنيفة، ومالك، وبعض أصحابنا. ح حا.
(٦) ولا يحمل على المرة إلا بقرينة، وهذا رأي أبي إسحاق الإسفرائيني، وجماعة من الفقهاء والمتكلمين، ومرادهم أنه يتكرر مدة العمر فيما يمكن ويعتاد؛ ليخرج أوقات ضرويات الإنسان واعتياداته. ح غ.