[الأمر]
  (والمختار أنه لا يدل على المرة، ولا على التكرار) بل يفيد طلب الماهية من غير إشعار بأيهما(١)، إلا أنه لا يمكن إدخال تلك الماهية في الوجود بأقل من مرة واحدة؛ فصارت المرة من ضروريات المأمور به، فحينئذ يدل عليها من هذه الحيثية(٢)، فتأمل!
  أما أنه لا يقتضي التكرار فلأن المأمور يُعَدُّ ممتثلا بمرة(٣). وأما أنه لا يدل على المرة فلأنه لو ورد مقيدا بها لكان تكرارا(٤)، ولو ورد مقيدا بالمرات لكان نقضا لما دل عليه الأمر.
  وأما إذا ورد مقيدا بشرط(٥)، كقوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}[المائدة ٦]، أو بصفة، كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة ٣٨]، فهل يتكرر المأمور به عند تكرر شرطه أو صفته؟ مَن قال بذلك في الأمر المطلق قال به هنا. ومن قال: إنه لا يدل على ذلك فقد اختلفوا على ثلاثة مذاهب:
  فقيل: لا يقتضيه لا من جهة اللفظ ولا من جهة القياس(٦).
  وقيل: يقتضيه من جهة اللفظ، أي: هذا اللفظ قد وضع للتكرار.
(١) دليله: أنه سأل رجل النبي ÷ حين نزلت فريضة الحج: هل لكل عام أو لعامهم، فقال ÷: بل لكل عام؛ فلو كان يفيد التكرار أو المرة لما سأله، ونحو ذلك كثير.
(٢) من حيث الضرورة؛ لأنه لا يمكن وجود الفعل إلا بمرة واحدة، وكلامنا في الدلالة الوضعية.
(*) لا أن الأمر يدل عليها بذاته، بل بطريق الإلتزام، وهذا رأي المتأخرين من أئمتنا $، كالإمام يحيى بن حمزة #، والإمام المهدي أحمد بن يحيى، وأبن أبي الخير، والدواري، ومن المعتزلة كأبي الحسين البصري، وأبي الحسن الكرخي، والحاكم، ومن الأشاعرة: كالرازي واتباعه، والآمدي، وابن الحاجب، وهو الأرجح، وعليه يحمل كلام القائلين بأنه للمرة. ح غ.
(٣) يقال: إن من قال: إنه يقتضي التكرار يقول: لا يعد ممتثلاً بمرة، وهذا محل النزاع، فلا يصح حجة لما ادعاه، فينظر.
(٤) يقال: زيادة أيضاح وتقرير، فتأمل. شامي.
(٥) والمراد بالشرط: ما يلزم من عدمه عدم المشروط، سواء كان بحرف الشرط أم لا، نحو: إذا دخل الشهر فأعتق عبداً من عبيدي. ح غ.
(٦) القياس الشرعي لا القياس المشتمل على الأربعة أركان.