الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الأمر]

صفحة 297 - الجزء 1

  (والمختار أنه لا يدل على المرة، ولا على التكرار) بل يفيد طلب الماهية من غير إشعار بأيهما⁣(⁣١)، إلا أنه لا يمكن إدخال تلك الماهية في الوجود بأقل من مرة واحدة؛ فصارت المرة من ضروريات المأمور به، فحينئذ يدل عليها من هذه الحيثية⁣(⁣٢)، فتأمل!

  أما أنه لا يقتضي التكرار فلأن المأمور يُعَدُّ ممتثلا بمرة⁣(⁣٣). وأما أنه لا يدل على المرة فلأنه لو ورد مقيدا بها لكان تكرارا⁣(⁣٤)، ولو ورد مقيدا بالمرات لكان نقضا لما دل عليه الأمر.

  وأما إذا ورد مقيدا بشرط⁣(⁣٥)، كقوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا}⁣[المائدة ٦]، أو بصفة، كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}⁣[المائدة ٣٨]، فهل يتكرر المأمور به عند تكرر شرطه أو صفته؟ مَن قال بذلك في الأمر المطلق قال به هنا. ومن قال: إنه لا يدل على ذلك فقد اختلفوا على ثلاثة مذاهب:

  فقيل: لا يقتضيه لا من جهة اللفظ ولا من جهة القياس⁣(⁣٦).

  وقيل: يقتضيه من جهة اللفظ، أي: هذا اللفظ قد وضع للتكرار.


(١) دليله: أنه سأل رجل النبي ÷ حين نزلت فريضة الحج: هل لكل عام أو لعامهم، فقال ÷: بل لكل عام؛ فلو كان يفيد التكرار أو المرة لما سأله، ونحو ذلك كثير.

(٢) من حيث الضرورة؛ لأنه لا يمكن وجود الفعل إلا بمرة واحدة، وكلامنا في الدلالة الوضعية.

(*) لا أن الأمر يدل عليها بذاته، بل بطريق الإلتزام، وهذا رأي المتأخرين من أئمتنا $، كالإمام يحيى بن حمزة #، والإمام المهدي أحمد بن يحيى، وأبن أبي الخير، والدواري، ومن المعتزلة كأبي الحسين البصري، وأبي الحسن الكرخي، والحاكم، ومن الأشاعرة: كالرازي واتباعه، والآمدي، وابن الحاجب، وهو الأرجح، وعليه يحمل كلام القائلين بأنه للمرة. ح غ.

(٣) يقال: إن من قال: إنه يقتضي التكرار يقول: لا يعد ممتثلاً بمرة، وهذا محل النزاع، فلا يصح حجة لما ادعاه، فينظر.

(٤) يقال: زيادة أيضاح وتقرير، فتأمل. شامي.

(٥) والمراد بالشرط: ما يلزم من عدمه عدم المشروط، سواء كان بحرف الشرط أم لا، نحو: إذا دخل الشهر فأعتق عبداً من عبيدي. ح غ.

(٦) القياس الشرعي لا القياس المشتمل على الأربعة أركان.