الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الأمر]

صفحة 301 - الجزء 1

  لا يتم المأمور به إلا به (مقدورا للمأمور).

  قوله: «مطلقا»، أي: غير مشروط، يحترز من أن يرد الأمر مشروطا بما لا يتم إلا به، نحو قوله: «اصعد السطح إن كان السلم منصوبا» فإنه لا يجب عليه الصعود إلا حيث وجده منصوبا، ولا يجب عليه تحصيل ما لا يتم الصعود إلا به، أعني نصب السلم؛ لأن الآمر لم يوجب عليه الصعود إلا حيث وجده منصوباً لا غير.

  وقوله: «وكان مقدوراً للمأمور» احتراز مما لا يدخل تحت قدرة المكلف، نحو: تحصيل القَدَم للقيام، وكذلك القدرة، فإن الواجب وإن لم يتم إلا بها فليس يجب تحصيلها؛ إذ ليست داخلة في مقدور المكلف. وكذلك أسباب الوجوب كالوقت للصلاة، وشروطه⁣(⁣١) كالتكليف، فإنه لا يجب تحصيلها وإن كان الواجب لا يتم إلا بها فإذا حصلت هذه الشروط⁣(⁣٢) وجب - حينئذٍ - تحصيل ما لا يتم الواجب إلا به، سواء جعله الشارع شرطا للفعل وإن كان يُتصور وجوده بدونه، كالطهارة للصلاة، أو لم يجعله شرطا، لكنه يلزم فعله عقلاً، كترك الأضداد في الواجب، وفعل ضد في المحرم⁣(⁣٣). أو عادةً: كإدخال جزءٍ من الرأس في غسل كل الوجه، وجزءٍ من الساق في ستر كل الركبة، وجزءٍ من الليل في الصيام.


(١) أي: شروط الوجوب.

(٢) قال السيد داوود بن الهادي ¦ في شرحه على المعيار: الصحيح أن ما لا يتم الواجب إلا به يجب بشروط ثلاثة:

الأول: أن يكون مقدوراً للمكلف.

الثاني: أن لا يرد الأمر مشروطاً بما لا يتم إلا به.

الثالث: أن لا يقوم غيره مقامه في التوصل إلى فعل الواجب. احتراز من أن يقول: «اعط فلاناً وديعته» وهو يحتاج إلى القيام وفتح الباب، ويقوم مقامه أن يقول للمودع: خذها من مكان فلان، أو يشير إلى موضعها - فإنه لا يجب عليه القيام بنفسه؛ لقيام غيره مقامه، وهذا فيمن يجب عليه امتثال أمر آمره، والله أعلم.

(٣) على القول بأن التروك أفعال.

(*) مثلاً إذا كلف القيام لأداء الوديعة حرم ضده، وهو القعود. «قوله: وفعل ضدٌ في المحرم» نحو: «لا تشرب الخمر» وجب عليه فعل الضد، وهو الترك.