الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[ألفاظ العموم]

صفحة 312 - الجزء 1

  أنه يتعذر الاستدلال به في حال النفي⁣(⁣١) والنهي على ثبوت حكمه لفرد؛ لأنه إنما حصل النفي والنهي عن أفراد الجموع، والواحد ليس بجمع. وهذا معنى قولهم: «لا يلزم من نفي المجموع نفي كل فرد، ولا من النهي عنه النهي عن كل فرد».

  (والمختار) عند الأكثر⁣(⁣٢) من العلماء (أن المتكلم) إذا خاطب المكلفين بخطاب هو داخل في عموم متعلق خطابه وهو الحكم الذي ورد فيه الكلام - فإنه - حينئذٍ - (يدخل في عموم) متعلق (خطابه)؛ لتناول⁣(⁣٣) صيغة الخطاب له بحسب اللغة، سواء كان الخطاب أمرا، مثل: «من أحسن إليك فأكرمه»، فالمتكلم داخل في عموم الإكرام⁣(⁣٤)، أو نهيًا، مثل: «من أحسن إليك فلا تهنه»، أو


(١) واعلم أن المحلّى بلام الاستغراق والمعرف بالإضافة من اسم الجنس والجمع سواء، في شمول الأفراد كلها عند أكثر القائلين بإفادتهما العموم، كما دل عليه الاستقراء وصرح به أئمة التفسير في كل ما وقع منه في التنزيل، كقولهم في: «الله يحب المحسنين» إنه جمع ليتناول كل محسن، وفي قوله: {وما الله يريد ظلماً للعالمين}، أنه نكر «ظلماً»، وجمع «العالمين» على معنى: ما يريد شيئاً من الظلم لأحد من خلقه. ومثله الواقع في سياق النفي من اسم جنس أو جمع منكرين عند الأكثر، نحو «لا رجل في الدار» و» لا رجال في الدار». وذهب الأقل إلى أن استغراق المفرد سواء كان بحرف التعريف أو بغيره أشملُ من استغراق الجمع؛ بدليل صحة «لا رجال في الدار»، وفيها رجل أو رجلان دون «لا رجل». وعورض بأنه يصح أن يقال: «ليس في الدار رجل بل رجلان، أو رجال» كما يصح أن يقال: «ليس فيها رجال بل رجل أو رجلان» والتحقيق أن النكرة في سياق النفي والنهي والاستفهام ظاهرة في الاستغراق، وتحتمل عدمه احتمالاً مرجوحاً مفتقراً إلى قرينة نحو: «ما جاءني رجل بل رجلان»، فإنه مع القرينة وهي قولنا: «بل رجلان» يتحقق عدم الاستغراق. ح غ باختصار.

(*) وهذا - أعني كون الجمع المعرف باللام يعم كل فرد - هو التحقيق، فاللام مشارٍ بها إلى المقدر المعروض لا إلى المقدار العارض، ويدل على ذلك صحة استثناء الفرد الواحد استثناء متصلاً منه نحو: جاءني الرجال إلا زيداً، والله أعلم.

(٢) أبو طالب، والجمهور، وأحد قولي المؤيد بالله.

(٣) ولفهم الصحابة شموله ÷ ولذلك كانوا يسألونه عن موجب التخصيص له إن لم يفعل بمقتضى فيبين لهم وجه التخصيص ولو لم يعقلوا دخوله فيما أمرهم به لما سألوه عنه ولما عدل النبي ÷ إلى الاعتذار، وذكر موجب التخصيص، بل كان ينكر عليهم ما فهموه من دخوله معهم في ذلك الأمر، ومنه ما رويَ أنه ÷ أمر أصحابه بفسخ الحج إلى العمرة، ولم يفسخ فقالوا له: أمرتنا بالفسخ ولم تفسخ، فلم ينكر عليهم ما فهموه، واعتذر بقوله ÷: إني قلدت هدياً، ورويَ أنه قال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة، قال ذلك تطييباً لقلوب أصحابه. ح غ.

(٤) فالمتكلم داخل في عموم مفعول «اكرمه» و «لا تهنه».