الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[ألفاظ العموم]

صفحة 313 - الجزء 1

  خبرًا، مثل: {وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ(⁣١)}⁣[البقرة ٢٨٢]، ونحو ذلك، فوجب أن يتناوله في التركيب.

  ومنهم من قال: لا يدخل؛ بقرينة كونه متكلما، وأيضًا يلزم في قوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ(⁣٢)}⁣[الزمر ٦٢]. والصحيح الأول؛ لما ذكرنا من أن اللفظ يتناوله ولا يمنع من ذلك كونه متكلما.

  وأما قوله تعالى: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}⁣(⁣٣) فمخصَّصٌ بالعقل.

  قلت: ومما يدل على أن المتكلم يدخل في عموم كلامه قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص ٨٨]؛ إذ لو لم يدخل لما صح الاستثناء. ولا يستقيم جعل «إلا» بمعنى «غير»⁣(⁣٤) في ذلك، ولا جعل الاستثناء منقطعا، وذلك ظاهر⁣(⁣٥)، فتأمل، والله أعلم.

  (و) المختار (أن مجيء العام للمدح أو الذم لا يبطل عمومه)، بل يبقى كذلك، فيثبت الحكم في جميع متناولاته، مثاله قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ١٣ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ١٤}⁣[الانفطار]، {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ..} الآية [التوبة ٣٤]، فيعم ذلك كل ذهب وفضة⁣(⁣٦) في وجوب الزكاة. ونقل عن الشافعي خلاف ذلك⁣(⁣٧)، حتى قال بعض أصحابه: إن الذهب


(١) فيدخل تعالى في عموم «والله بكل شيء عليم» فيكون عالماً بذاته كعلمه بسائر مخلوقاته. للسيد داوود على المعيار.

(٢) أي: فيلزم عليه أن يكون خالقاً لذاته تعالى.

(٣) فقوله تعالى: {خالق كل شيء} ظاهر فيه ولكنه خصصه دليل العقل. قسطاس. قد رَدّ هذا الاستدلال الإمام المهدي # في الغايات.

(٤) لأنها لا تحمل على «غير» إلا إذا كانت تابعة لجمع منكر غير محصور، كما عُرف في النحو.

(٥) لكون الحقيقة الاتصال، ولا مانع، والانقطاع مجاز.

(٦) لو قال: فيعم كل كانز للذهب والفضة لكان أولى؛ لأن توجيه الذم إلى الكاثر، وأما عموم المكنوز فبالتبعية. فيه نظر؛ لأن اللام في الذهب والفضة للعموم، والكلام فيها.

(٧) فإنه زعم أن ذلك يبطل العموم؛ لأنه سيق مع المدح والذم للحث والزجر، فلا يلزم العموم. معيار للسيد داود.