الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[المخصص قسمان: متصل ومنفصل]

صفحة 326 - الجزء 1

  والصحيح هو الأول؛ بدليل قوله ÷: «من حلف على شيء فرأى غيره خيرًا منه - فليأت الذي هو خير، ثم ليكفر عن يمينه» معيَّنا، ولو كان يجوز تراخي الاستثناء لخيّر بينهما⁣(⁣١)؛ لأن الاستثناء أسهل، فإذا لم يُعَيِّنه فلا أقل من أن يُخَيِّر بينهما. وأيضا لو جاز لم يقطع بمضمون⁣(⁣٢) جملة من طلاق وعتاق وغيرهما؛ لجواز أن يرد عليها استثناءات تصرفها عن ظاهرها، فتصيرها صادقة⁣(⁣٣) وإن كان ظاهرها الكذب، والعكس⁣(⁣٤). وأيضا فإنا نعلم أن قائلا لو قال: عليَّ مائة، ثم قال بعد شهر: إلا عشرة - قطع بكذبه، وعُدَّ كلامه لغوا، والله أعلم.

  واعلم أنه لا خلاف في امتناع الاستثناء المستغرق، وأنه باطل، سواء كان مثل المستثنى منه أو أكثر. ولا خلاف أيضا في جواز استثناء الأقل، أي: دون النصف⁣(⁣٥)، ويبقى فوق النصف.

  واختلف في استثناء الأكثر حتى يبقى دون النصف، وفي استثناء المساوي حتى يبقى نصف المستثنى منه. (و) المختار عند الأكثر (أنه يصح استثناء الأكثر) حتى يبقى نصف المستثنى منه، وكذا المساوي.

  ومنهم: من منع منهما.


(١) فيقول: أو ليستثن، فيوجب أحدهما لا بعينه. قسطاس.

(٢) وهو باطل؛ لما فيه من التلعب وإبطال التصرفات الشرعية، وهو اتفاق. ح غ.

(٣) مثاله حيث يصير الكذب صدقاً: أن يكون له عبدان فقط فيقول: عبيدي الأربعة أحرار إلا اثنين؛ فهذا الاستثناء صير الكذب صدقاً كما ترى.

(٤) مثال ما يصير الصدق كذباً: أن يقول: زوجاتي الأربع طالق إلا اثنتين، وليس له إلا اثنتان؛ فهذا الاستثناء صير الصدق كذباً كما ترى.

(٥) وقيل لا يستثنى من العدد عقد صحيح، نحو: له علي مائة إلا عشرة، وقيل: لا يستثنى منه مطلقاً، وقوله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا}⁣[العنكبوت ١٤]، أي: زمناً طويلاً، كما تقول لمن يستعجلك: اصبر ألف سنة، وكل قائل بحسب استقرائه وفهمه. من الجمع وشرحه.

(*) تنبيه، قال بعض العلماء: المخالف في استثناء الأكثر والمساوي لا يخالف في الحكم، وإنما يخالف في كون العرب استعملت ذلك فلا يسقط حكمه في الأقارير وغيرها عند الجميع، قال بعض المانعين: إن ذلك وإن لم يسمع في العربية لكنه جائز في المعقول، ومن ادعى فيه سماعاً فقد أخطأ. ح غ.