الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[المخصص قسمان: متصل ومنفصل]

صفحة 327 - الجزء 1

  لنا⁣(⁣١): وقوع ذلك، وأنه دليل الجواز؛ وذلك في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}⁣[الحجر ٤٢]، وهم أكثر من غيرهم؛ بدليل {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}⁣[يوسف ١٠٣] فدلت على أن الأكثر ليس بمؤمن، وكل من ليس بمؤمن غاوٍ، فالأكثر غاوٍ.

  وفي قوله تعالى: {وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا}⁣[الأنعام ١٤٦]، يريد شحم الظهر والجنب، {أَوِ الْحَوَايَا(⁣٢)}⁣[الأنعام ١٤٦]، يريد ما احتوت عليه من الشحم، وهي المباعر من الأمعاء، {أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ(⁣٣)}⁣[الأنعام ١٤٦]، وهو شحم الإلية، فهذه جميعها مستثناة من الشحوم في أنها حلال لهم، وهي أكثر الشحوم كما ترى. وأيضا فإن العلماء قد أجمعوا على أن القائل لو قال: «عليَّ له عشرة إلا تسعة» لصح هذا الاستثناء، ولزم المقر درهم فحسب، وذلك دليل على جوازه لغة، وإلا لم يقع الاتفاق عليه عادة، ولذهب جماعة - ولو قليلا⁣(⁣٤) - إلى لزوم العشرة؛ لكون الاستثناء لغوًا، كما في المستغرِق. وإذا جاز استثناء الأكثر فالمساوي بالأَولى.

  (و) المختار أيضا (أنه) أي: الاستثناء (من النفي إثبات) لما استثني، نحو: ما عندي له عشرة دراهم إلا درهما، فهو إثبات للدرهم عند الأكثر، خلافا للحنفية، فإنه عندهم مخرَج مما قبله، غير محكوم عليه بالثبوت لا لفظا ولا


(١) قلنا: لم يمنع ذلك لغة ولا شرع، ولنا: وقوع ... إلخ. معيار.

(*) منع من المساوي بعض النحاة - والحنابلة والباقلاني والظاهرية، ومنع من الأكثر الفراء، وابن دستوريه، والقفال، ومانع المساوي. ذكره في الفصول.

(٢) أو اشتمل على الأمعاء. كشاف.

(٣) فتبقى الثروب، وشحم الكلى. كشاف معنى.

(*) وقيل: الحوايا: عطف على شحومهما، و «أو «بمنزلتها في قولهم: جالس الحسن أو ابن سيرين. كشاف، وعلى هذا لا يتم الاستدلال بالآية.

(٤) هكذا قرر هذا الدليل في مختصر المنتهى وغيره، ورأيت في تنقيح الحنابلة ما يدل على بطلان استثناء الأكثر، ولزوم العشرة كلها. ح غ.