[المخصص قسمان: متصل ومنفصل]
  (و) كما يجوز تخصيص الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة - يجوز تخصيصها (بسائرها) أي: بسائر المخصصات المنفصلة، فيجوز تخصيص الكتاب بالسنة والإجماع، والقياس والعقل والمفهوم، وكذلك السنة.
  أما تخصيص الكتاب بالسنة بأقسامها فذلك جائز، فإن كانت قولا متواترا جاز اتفاقا، وإن كان آحاديًّا جاز على المختار(١)؛ بدليل وقوعه، فإن قوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ}[النساء ٢٤]، عام يدخل فيه جواز نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وقد أجمعت الصحابة على أنه مخصَّصٌ بقوله ÷: «لا تنكح المرأة على عمتها وخالتها(٢)»، وكذلك قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ}[النساء ١١]، فإنه يوجب الميراث للولد عموما، وقد أجمعوا(٣) على تخصيصه بقوله ÷: «لا يرث القاتل، ولا الكافر المسلم»، ونحو ذلك. وإن كانت فعلا جاز أيضا، وذلك كرجمه ÷ للمحصَن؛ فإنه مخصص لقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا}[النور ٢]، وهذا على مذهب من يقول بسقوط الجلد، وأما من لا يقول بسقوطه فلا تخصيص، والله أعلم.
(١) في المعيار ما لفظه: مسألة: الأكثر ويجوز تخصيص القطعي بالظني، ومنعه بعضهم مطلقاً، ابن أبان: يجوز أن قد خصص بقطعي وإلا فلا، الكرخي: إن خصص بقطعي منفصل.
لنا: دلالة العموم ظنية وإن كان متنه قطعياً؛ فجاز تخصيصها بالظني. فالتخصيص إنما وقع في الدلالة لأنه دفع الدلالة في بعض الأفراد، فلم يترك القطعي بالظني، بل هو ترك الظني بظني. أ هـ. وتقريره بعبارة أخرى أن يقال: الكتاب العام قطعي المتن ظني الدلالة، والخبر الخاص بالعكس، فكان لكل قوة من وجه؛ فوجب الجمع بينها. قسطاس.
قوله مسألة: الأكثر ... إلخ؛ لأنه قد ضعف بصرفه عن حقيقته إلى المجاز فيكون ظنياً، وتقييد الكرخي بالمنفصل لأن التخصيص به مجاز عنده دون المتصل. قسطاس.
(٢) في شرح الغاية: وخالتها أخرجه الجماعة، وفي المنهاج الجلي، ولا على خالتها.، ومثل ما في المنهاج في القسطاس.
(٣) لا يقال: المخصص هو إجماعهم على خروج ذلك من عموم النص لا الخبر الآحادي؛ لأنا نقول إنهم أجمعوا على التخصيص بأخبار الآحاد حيث لم ينكروه لما وقع، فلا يكون التخصيص بالإجماع، بل بخبر الواحد، ودليله الإجماع. قسطاس باللفظ. وقد أشار إليه الشارح بقوله: على أنه مخصص بقوله ÷ ... إلخ.