الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[حد أصول الفقه]

صفحة 33 - الجزء 1

  (وَالمَكْرُوهُ(⁣١) : بِالعَكْسِ) اللغوي، وهو: ما يُستحق الثواب بتركه - يخرج: الواجب والمندوب والمباح - ولا يستحق عقاب في فعله يخرج: الحرام.

  وقد يطلق: على الحرام⁣(⁣٢)، وعلى تَرْكِ الأَوْلَى، كالمندوبات⁣(⁣٣).

  (وَالمُبَاحُ) في اللغة: الموسَّع فيه. وفي الاصطلاح: (مَا لَا ثوَابَ وَلاَ عِقَابَ فِي فِعْلِهِ وَلاَ تَرْكِهِ)، تخرج الأربعة المتقدمة؛ لأن الواجب والمندوب في فعلهما ثواب، والمكروه والحرام في تركهما ثواب، وقد يسمى: حلالا⁣(⁣٤).

  (وَالْفَرْضُ(⁣٥) والوَاجِبُ(⁣٦) مُتَرَادِفَانِ(⁣٧)) على المختار، بمعنى أن كل واحد منهما يطلق على ما يطلق عليه الآخر، (خِلَافًا) للناصر #، و (لِلْحَنَفيَّةِ)، فليسا مترادفين عندهم، بل الفرض⁣(⁣٨): ما دليل وجوبه قطعي، مثل الكتاب والسنة المتواترة، وذلك كالصلوات الخمس، فما كان كذلك فإنه يسمى فرضًا، ويفسق تاركه، ويكفر مستحله، ويقضى.


(١) وسمي المكروه كراهة تنزيهٍ: مكروها تجوزًا؛ لأن النهي عنه ليس حقيقيًّا، أي: ليس نهيا مقترنا به الوعيد والكراهة؛ لأنه حسن، وكراهة الحسن قبيح، لكنه لما أشبهَ القبيح في أنه يستحق بتركه الثواب سمي: مكروهًا.

(٢) كقول أصحابنا: يكره النفل في الثلاثة الأوقات. ح غ.

(٣) كقولهم بعد تعداد مندوبات الاستطابة: وكره ضد ذلك. ح غ.

(٤) وطِلقا، بكسر الطاء، وجائزًا. ح غ.

(٥) لفظ الغاية مع الشرح: الحنفية: الفرض قطعي، وهو ما كان دليله قطعي الدلالة والسند، والواجب: ظني، وهو ما كان دليله ظني الدلالة أو السند أو كليهما.

(٦) اعلم أن هذه المسألة لا يتحقق فيها الخلاف إلا في التسمية، فالجمهور يجعلون اللفظين اسما لمعنى واحد تتفاوت أفراده من حيث الدلالة القطعية والظنية، وهذا التفاوت عندهم لا يوجب التفرقة في التسمية، كما لا يوجب التفاوت في المعنى اللغوي التفرقة في المعنى الاصطلاحي؛ بل كل منهما يطلق على ما يطلق عليه الآخر، وهو معنى الترادف، وأما الناصر والداعي من أئمة الآل $، والحنفية - فيخصون كلا منهما بقسم من ذلك المعنى، ويجعلونه اسما له، فما كان دليله قطعيا سندا ودلالة يسمونه: بالفرض، وما كان ظنيا دلالة وسندا أو أحدهما يسمونه: بالواجب، ولا حاجة بنا إلى التطويل بذكر ما استدلوا به لضعفه، وكأنه لهذا ذكر ابن الهمام في التحرير المسألة مطلقة، مع أنه من محققي الحنفية. فواصل.

(٧) الترادف: الاتحاد في المفهوم.

(٨) على أن استعمال الفرض فيما ثبت بظنيٍّ والواجب فيما ثبت بقطعي شائع مستفيض فيما بينهم؛ كقولهم: الوتر فرض، وتعديل الأركان فرض، والصلاة واجبة، والزكاة واجبة، وإلى هذا أشار صاحب التنقيح بقوله: وقد يطلق الواجب عندنا على المعنى الأعم. فواصل.