[المخصص قسمان: متصل ومنفصل]
  المعطوف، فيخصَّص الكافر الأول به؛ لأن الثاني كذلك، فحينئذ يقتل المسلم بالذمي؛ لعموم قوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة ٤٥]. والمختار أن هذا لا يقتضي التخصيص؛ لأن الموجِب للعموم في المذكور والمقدَّر متحقق؛ لوقوع النكرة في سياق النفي، والمخصِّص موجود في الثاني - وهو النص(١) والإجماع(٢) - دون الأول، فوجب القول بخصوص الثاني؛ لوجود مخصصه، دون الأول؛ لعدمه، فتأمل! والله أعلم.
  (و) المختار عند المصنف (أن العام بعد تخصيصه) بأيِّ المخصِّصات المتقدمة (لا يصير مجازاً فيما بقي) داخلا في صيغة العموم بعد التخصيص، (بل حقيقة(٣)) فيه؛ وذلك لأن تناوله للباقي قبل التخصيص كان حقيقة، وذلك التناول باقٍ بعده؛ فكان حقيقة. والذي عليه أكثر العلماء أنه يصير مجازا في الباقي مطلقا(٤)؛ لأن الصيغة حقيقة في الاستغراق، فلو كانت حقيقة في البعض
= قتل المسلم بالذمي؛ لأنه يدل على تقييد عدم وجوب القصاص بكون الكافر حربياً، فعند انتفاء القيد ينتفي الحكم؛ فيلزم وجوب القصاص، ولا قائل بكون الحديث دليلاً على وجوب قتل المسلم بالذمي، سلّمنا و جوب تساويهما فيما يقدر فلا نسلّم وجوب تقدير شيء هنا في المعطوف، بل مراده ÷: ولا يقتل ذو عهد ما دام في عهده تحريماً لخرم العهد فقط؛ بقرينة ترتب الحكم على الوصف. وقد يقال: لو لم يقدر بكافر لامتنع قتل ذي العهد مطلقاً، حتى بالمسلم، وأنه باطل بالاتفاق، ولكان» في عهده» حشواً؛ إذ يحصل ذلك المعنى بدونه؛ لأنه لا فرق بين قولك: ولا ذو عهد، وقوله: ولا ذو عهد في عهده. ويمكن أن يجاب عن الأول بأنه يثبت قتل المعاهد بعمومات القصاص، إلا أن في حمله على نفي الحقيقة امتناع القتل نظراً إلى ظاهر الحديث، وأيضاً فإثبات القتل بالعمومات رجوع إلى التقدير. وعن الثاني بأنه لو قال:» ولا ذو عهد» فقط لحكمنا بأنهم لا يقتلون أصلاً ولو انقضى عهدهم، ومتى زاد» في عهده «حكمنا بأنهم لا يقتلون ما داموا معاهدين.
(١) لعله يريد قوله تعالى: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ}[المائدة ٤٥].
(٢) يعني قام النص والإجماع على أن الكافر المعاهد لا يقتل بالحربي.
(*) لأن الإجماع قائم على قتله بمثله وبالذمي. شرح غاية.
(٣) وهو مذهب الحنابلة، وكثير من الحنفية، والشافعية، والمعتزلة، وإليه ميل الغزالي. والمختار الذي عليه الجمهور من أئمتنا، وكثير من الشافعية والمعتزلة، والعراقيين من الحنفية، واختاره ابن الحاجب: أن العام المخصص مجاز في الباقي، على أي وجه وقع التخصيص.
(٤) سواء خصص بمتصل أو بمنفصل.