[المخصص قسمان: متصل ومنفصل]
  أيضاً لزم الاشتراك، وقد تقدم أنه إذا دار اللفظ بين المجاز والإشتراك حُمِل على المجاز. وأيضا فإنه لا يحمل على البعض إلا لقرينة، وهو علامة المجاز.
  وأما ما ذكروه(١) فالجواب عنه: أنه إنما كان تناوله للباقي قبل التخصيص حقيقة؛ لدلالته عليه وعلى سائر الأفراد، لا عليه وحده، فتأمل!
  وعند بعضهم(٢): أنه إذا خُصِّص بمتصل كالشرط والاستثناء ونحوهما فحقيقة. وإن خُصِّص بمنفصل كالكتاب والسنة ونحوهما فمجاز.
  (و) المختار عند المحققين: (أنه يصح تخصيص الخبر(٣)) كما يصح تخصيص الأمر والنهي. ومنهم من منعه؛ لأنه يلزم منه الكذب، فلا يصح إلا في الإنشاءات، كالأمر والنهي؛ إذ لا تحتمل صدقاً ولا كذباً، بخلاف الخبر فهو يحتملهما، فإطلاق العموم فيه يقتضي الإخبار عن كل ما تناوله اللفظ، والتخصيص يُكَذِّب ذلك، فيلزم كذب أحدهما.
  وأيضا فإنه يُنْفَي فيصدق النفي(٤)، فلا يصدق هو، وإلا صدق النفي والإثبات معا، وهو محال، وإذا ثبت أنه كذب فلا يقع؛ لأن كلام الحكيم منزه عنه. والصحيح هو الأول؛ بدليل وقوعه كثيرا، نحو: {اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الرعد ١٦]، فإنه مخصَّص
(١) بقولهم: إن تناوله للباقي ... إلخ.
(٢) الغزالي، والكرخي، وأبو الحسين، والرازي. وفي شرح الغاية: ونسبته إلى أبي الحسين وهم. بالمعنى.
(*) في القسطاس ما لفظه: أبو الحسين: لفظ العموم مع ما انضم إليه من المخصص المتصل قد صارا كالكلمة الواحدة في إفادته لما يفيده عند التقييد؛ لعدم استقلال المتصل، ولا معنى له حينئذٍ غير ذلك؛ فيكون حقيقة من حيث إنه أفاد مجموع مدلوله. ولا يكون مجازاً؛ لأنه لم يطلق على بعض مدلوله كما إذا خص بمنفصل، قلنا: إن اللفظ كان يفيد الاستغراق قبل انضمام ذلك اللفظ إليه، ثم صار بعده مفيداً للبعض ومقصوراً عليه بمعونة القرينة، وهي المخصص المتصل، حتى صار البعض تمام المراد لأجلها، وهو معنى المجاز كما ذكرناه؛ فلا وجه مع ذلك للفرق.
(٣) فإن قيل: هو خلاف الحكمة؛ لأنه تعريض لاعتقاد الجهل. قلنا: لا؛ لأن أكثر العمومات مخصص، فعلى السامع لذلك التأني حتى يبحث عن المخصصات، فإن أقدم عليه من دون بحث فما أتي إلا من جهة نفسه. قسطاس.
(٤) فقولك:» جاءني كل من في البلد» وقد تخلف بعضهم كذب؛ لصدق» ما جاءني كل من في البلد «.ح غ.