[المبين]
  وأيضا لا يضر كون المبين قطعيا والبيان ظنيا؛ إذ لا يمتنع تعلق المصلحة بذلك، ولأن الظن كالعلم في جلب النفع ودفع الضرر.
  وأيضا فقد وقع، وهو دليل الجواز، وذلك كتخصيص القرآن والخبر المتواتر بالخبر الآحادي، كما تقدم؛ إذ لا فرق بين التخصيص للعام والبيان للمجمل، فتأمل! والله أعلم.
  (و) المختار (أَنَّهُ يَصِحُّ(١) التَّعْلّقُ فِي حُسْنِ الشَّيءِ بِالمَدْحِ(٢)) عليه، كما يتعلق في حسن إخراج الزكاة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ}[المعارج ٢٤]؛ (إِذْ هُوَ) أي: المدح على ذلك الشيء (كَالحَثِّ) على ذلك الشيء.
  (و) كذا يصح التعلق (فِي قُبْحِهِ بَالذَّمِ) عليه كما يتعلق في قبح حبس(٣) الزكاة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ ..} الآية [التوبة ٣٤]؛ (إِذْ هُوَ) أي: الذم (آكَدُ مِنَ النَّهْيِ) عليه؛ لأن النهي قد يكون عما هو حسن كالمكروه، والذم لا يكون إلا على القبيح؛ فيصح حينئذ الاستدلال بذلك على حسن الفعل أو قبحه؛ لأنهما لم يكونا مجملين، بل ظاهرين كالأمر والنهي؛ وذلك لأن الفعل الذي لا يعلم حسنه ولا قبحه إذا وصف به ثم تعقبه المدح أو الذم - اقتضى أنهما
(١) واعلم أن الإمام الحسن # ذكر أن هذه المسألة معادة لتقدمها في أواخر باب العموم، والمصنف | تبع في ذلك الإمام المهدي #. ح. حا.
(٢) وقد يقال: إن الخصم لم ينازع في اقتضاء المدح والذم ما ذكر، وإنما ذهب إلى أن آية الكنز مثلاً لا عموم فيها؛ بناءً على أن سوق الكلام للذم لا لإيجاب الزكاة في كل ذهب وفضة، فتكون مجملة لعدم تعيين ما ذم عليه من الكنز، فالاحتجاج على أن المدح والذم يقتضيان ذلك لا يكون وارداً على محل النزاع؛ لموافقة الخصم في اقتضائهما ما ذكر، بل يجب أن يقام الدليل على عدم منافاتهما للعموم فينتفي الإجمال حينئذٍ. قسطاس. قال فيه: ويعلم مما ذكرنا أن هذه المسألة معادة ... إلخ، والذي حمل المصنف على ذلك اختلاف العبارتين والموضعين في المنتهى والجوهرة.
(٣) عن إيصالها إلى مستحقها.
(*) بعض الفقهاء لا يصح التعلق بها في ذلك؛ إذ هما مجملان؛ لتردد المدح والذم بين تعليقهما بالأشخاص أو بالأفعال، فإن قوله «والذين يكنزون» ونحوها يحتمل أنه جاء فيه بِصِلَةِ الذين لمجرد التعريف بالشخص المذموم لأجل أمر آخر غير الكنز، وأنه جاء بها لمجرد الذم على مضمونها، ونحو ذلك؛ فلا تدل حينئذٍ على حسن ولا قبح للاحتمال. هكذا ذكره # في توجيه لاحتمال. قسطاس.