[المبين]
  (و) منها: أنه (لا) إجمال (فِي نَحْوِ) قوله ÷: («لاَ صَلاةَ إِلاَّ بِطَهُورٍ»(١))، «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»، «لا نكاح إلا بولي(٢)»، ونحو ذلك كثير مما نفي فيه الفعل والمراد نفي صفته. والدليل على ذلك أنه إن ثبت عرف شرعي في إطلاقه للصحيح كان معناه: لاصلاة صحيحة، ولا نكاح(٣) صحيحا، ونفي مسماه ممكن، فيتعين، فلا إجمال. وإن لم يثبت عرف شرعي فإن ثبت عرف لغوي، وهو أن مثله يقصد منه نفي الفائدة والجدوى، نحو: لا علم إلا ما نفع، ولا كلام إلا ما أفاد - فيتعين، فلا إجمال أيضا، وإن قُدِّر انتفاء العرفين فالأَولى حمله على نفي الإجزاء، دون الكمال؛ لأن ما لا يصح كالعدم في عدم الجدوى، بخلاف ما لا يكمل، فكان أقرب المجازين إلى الحقيقة المتعذرة، فكان ظاهرا فيه، فلا إجمال(٤).
  (و) منها: أنه لا إجمال في قوله ÷: (الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ(٥))، فحينئذ يصلح دليلا على وجوب النية في كل عمل؛ لأن المراد بذلك أنه لا عمل إلا بنية، والعمل نفسه بدون نية غير مُنتَفٍ؛ لعلمنا بوجوده، فيبقى المراد نفي جميع
(١) حديث: «لا صلاة إلا بطهور»، رواه الدارقطني من رواية عائشة بلفظ: «لا تقبل الصلاة إلا بطهور»، وفي مسلم عن ابن عمر: «لا تقبل صلاة إلا بطهور». شرح غاية.
(*) هذا هو المذهب وهو قول الجمهور.
(٢) حديث «لا نكاح إلا بولي» أخرجه أحمد، وأبو داود، والترمذي، والحاكم، وأطال في تخريجه. شرح غاية.
(٣) في نسخة ولا نكاح صحيح
(٤) وقال أبو عبدالله، وأبو الحسين، والباقلاني: إن ذلك محمل؛ لتردده في عرف الشرع بين نفي الإجزاء ونفي الكمال؛ إذ يفهم منه تارةً هذا، وتارةً ذاك؛ فلزم الإجمال. والجواب: أن اختلاف العرف والفهم إنما كان لأجل الاختلاف في أنه ظاهر في الإجزاء، أو في الكمال، فكل صاحب مذهب يحمله على ما هو الظاهر عنده؛ لأنه متردد بينهما، ولو سُلِّم فلا نسلم أنه على السواء بينهما، بل نفي الإجزاء أرجح؛ لما ذكرنا من أنه أقرب إلى نفي الذات. قسطاس، ومعيار.
(٥) رواه الحاكم في الأربعين له من طريق مالك، وأخرجه ابن حبان من وجه آخر في مواضع من صحيحة كما ذكر في الكتاب بحذف «إنما» و جمع «النيات». شرح غاية.