[المبين]
  أحكامه: من الصحة، والكمال في الثواب(١) والطاعة، ونحو ذلك؛ إذ لا تنافي بينها، ولا قرينة تشعر بخصوصية أحدها، فلا إجمال.
  (و) لا في قوله ÷: (رُفِعَ عَن أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ(٢)) مما نفي صفته(٣) والمراد نفي لازم من لوازمها؛ وذلك لأن العرف في مثله قبل ورود الشرع رفعُ المؤاخذة والعقاب قطعا؛ بدليل أن السيد إذا قال لعبده: «رفعت عنك الخطأ والنسيان». كان المفهوم أني لا أؤاخذك بهما، ولا أعاقبك عليهما، فكذلك بعد ورود الشرع، فلا إجمال حينئذ، والله أعلم.
  (و) المختار: (أَنَّهُ يَجُوزُ) للرسول ÷ (تَأْخِيرُ التَّبْلِيغِ) لما أوحي إليه من الأحكام إلى وقت(٤) الحاجة إليها؛ إذ لا مانع من ذلك لا عقلا ولا شرعا(٥).
  وأيضا يجوز أن يكون في التأخير مصلحة يعلمها الله تعالى.
  وقال قوم: لا يجوز ذلك؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ}[المائدة ٦٧]، والأمر للوجوب وللفور(٦).
  قلنا: ذلك لا يمنع جواز التأخير (إِذِ القَصْدُ المَصْلَحَةُ)، فكأنه قال: بَلِّغ على
(١) في المخطوطتين والثواب.
(٢) خلافاً لأبي الحسين وأبي عبدالله. لنا: أن العرف في مثله ... إلخ، ولم يسقط الضمان إما لأنه ليس بعقاب؛ إذ يفهم من العقاب ما يقصد به الإيذاء والزجر، وهذا يقصد به جبر حال المتلف عليه؛ ولذا وجب الضمان على الصبي. وإما لتخصيص الخبر بدليل يدل عليه، والتخصيص لا يوجب إجمالاً. قالوا: لا بد من إضمار لمتعلق الرفع، وهو متعدد. والجواب أنه متضح عرفاً. قسطاس.
(*) لسبق المقصود إلى الفهم عرفاً، كما صرح بذلك في غاية السؤل وشرحها.
(٣) لو قيل: مما نفي ذاته لكان أولى. شامي. لا وجه للتصويب؛ فإن الخطأ والنسيان صفة للفعل. وعبارة العضد كما هنا.
(٤) نحو: أن يؤمر ÷ بتبليغ وجوب الصلاة قبل حضور وقتها، فيؤخر التبليغ إلى حضور وقتها. ح. معيار للسيد داود.
(٥) لأنا نقطع أنه لا يلزم من فرض وقوعه محال، ولو صرح به - أي بتأخير التبليغ - لم يمتنع. شرح غاية.
(٦) وما ذكروه ضعيف؛ لجواز تقوية ما علم بالعقل النقل، سلمنا فهذا الأمر ظاهر في تبليغ القرآن لا في كل حكم، ولعل الحكمة في إنزاله قبل الحاجة أن تكون له مصلحة في التبليغ من وقت نزوله إلى وقت الحاجة كالواجب الموسع. قسطاس.