الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الباب الثامن النسخ]

صفحة 367 - الجزء 1

[الباب الثامن: النسخ]

  (البَابُ الثَّامِنِ) من أبواب الكتاب (فِي النَّسْخِ هو) في اللغة: يطلق على الإزالة، مثل: نَسَخَتِ الشمسُ الظلَّ، أي: أزالته. وعلى النقل والتحويل، مثل: نسخت الكتاب، أي: نقلت ما فيه إلى آخر⁣(⁣١)، ومنه: المناسخات؛ لانتقال المال من وارث إلى آخر.

  وقد اختُلِفَ فيه هل هو حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر أم مشترك بينهما؟

  فقيل: هو حقيقة في النقل، مجاز⁣(⁣٢) في الإزالة. وقيل: العكس⁣(⁣٣). وقيل: بل⁣(⁣٤) مشترك⁣(⁣٥). قيل: ولا⁣(⁣٦) يتعلق بهذا الخلاف غرضٌ علمي.

  وفي الاصطلاح: (إِزَالَةُ مِثْلِ الحُكْمِ الشَّرعيِّ بِطَريقٍ شَرعِيٍّ مَعَ تَرَاخٍ بَينَهُمَا(⁣٧))، إنما قال: «مثل الحكم» ولم يقل: «إزالة عينه» لأن إزالة العين لا تُتَصوَّر على الله تعالى؛ لأنه بداء، وهو مستحيل في حقه تعالى؛ إذ لا ينكشف له ما لم يكن قد علمه؛ لأنه عالم لذاته. فحينئذ لا بد مما يتمكن المكلف من الفعل قبل النسخ، وإلا عاد على غرضه بالنقض، وإذا تمكن من فعله فقد خرج الأمر مثلا عن كونه عبثا، ثم إذا نهاه عن مثله في المستقبل علمنا أن مدة المصلحة فيه قد انقطعت، فحسن نسخه حينئذ.


(١) ونسخت النحل، أي: نقلتها من موضع إلى موضع. قسطاس، وهذا المثال هو الأصح؛ لحصول النقل حقيقة، وأما مثل: نسخت الكتاب ففيه تجوّز؛ إذ لم تنقل ما فيه حقيقة، بل كتبت مثل ما فيه. ح. حا.

(٢) هذا قول البُستي من أصحابنا، والحنفية والقفال. فصول.

(٣) هذا قول أبي هاشم، وأبي الحسين، والقاضي جعفر، والجويني، والرازي. فصول.

(٤) بل في المخطوطتين.

(٥) بينهما، وهذا قول جمهور أئمتنا وبعض المعتزلة والأشعرية. فصول، لأنه يستعمل فيهما، والأصل في الاستعمال الحقيقة. والآخيران أولى من الأول؛ لأن المجاز وإن كان على خلاف الأصل لكنه خير من الاشتراك. أصفهاني.

(٦) قد ذكر هذا في القسطاس، ولم ينسبه إلى أحد، ولا صدَّره بصيغة المجهول. اهـ. بل قد ذكره العضد كذلك.

(٧) يرد عليه أن الإزالة للمثل مجاز؛ إذ لم يثبت المثل حتى يزال، وأن التراخي لا يفهم منه أنه إلى وقت إمكان العمل، فالصواب ما في الفصول وهو: بيان إنتهاء الحكم الشرعي بطريق شرعي واجبه التراخي عن وقت إمكان العمل. مفتي.