الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الباب الثامن النسخ]

صفحة 385 - الجزء 1

  هذا، واعلم أن عدم جواز النسخ بالقياس والإجماع، وكذا عدم جواز نسخ المتواتر بالآحادي - إنما هو عند من فرق بين التخصيص والنسخ، وقال: إن التخصيص بيان وجمع بين الدليلين، والنسخ إبطال ورفع لأحدهما.

  وأما من لم يفرق بينهما، وحكم بأن النسخ بيان لا رفع، وجعله نوعا من التخصيص خاصا بالأزمان، بخلاف غيره فإنه يكون في الأعيان والأزمان - فإنه يُجَوِّز النسخ بالإجماع والقياس كما يجوز التخصيص بهما، ويجوز نسخ المتواتر بالآحادي. وجواباتهم عما استدل به المانعون مذكورة في المطولات، وهي قوية جدا، والله أعلم.

  (وَطَريقُنا إِلَى العِلمِ بِالنَّسخِ). اعلم أن لمعرفة الناسخ والمنسوخ طرقا، منها صحيحة، ومنها فاسدة، والصحيحة منها أدلة يعمل بها في المعلوم والمظنون، ومنها أمارات يعمل بها في المظنون فقط.

  أما القسم الأول من الطرق الصحيحة فهو: (إِمَّا النَّصُّ) الصادر (مِن النَّبِيِّ ÷، أَوْ مِنْ أَهْلِ الإِجْمَاعِ) الذين هم جميع الأمة الذين ينعقد بهم الإجماع، أو عترة النبي ÷ عند من جعل إجماعهم حجة، ويكون ذلك النص الصادر ممن ذكر: إما (صَريحاً)، نحو أن يقول أَيُّ هؤلاء: نُسخ هذا بهذا، أو هذا ناسخ وهذا منسوخ.


= بخصوصه؛ لاحتمال التخصيص، فإذا جاز تخصيص الكتاب بالسنة المظنونة جاز نسخه بها كذلك، بل هذا أولى؛ لأن المنسوخ غالبه مطلق في الأزمان ودلالته أقوى من دلالة المطلق الصادق بفرد، ولما عند أئمتنا والبخاري من حديث عبدالله ابن عمر: بينا الناس بقباء في صلاة الفجر إذ جاءهم آتٍ فقال: إن رسول الله ÷ قد أُنزِل عليه قرآن، وقد أُمِرَ أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة، وحديث أهل قباء عند أئمتنا والجماعة إلا أبا داود، وحديث صلاة الفجر عند أئمتنا $ والترمذي أيضاً، فلما لم ينكر النبي ÷ اعتمادهم على خبر الواحد في نسخ التوجه إلى بيت المقدس وهو معلوم علم أنه يجب العمل به، وأنه مسلك شرعي وإن تضمن رفعاً لما علم ثبوته، وإلا لأنكر ÷ انتهى. نقله من المواهب المقدسية، شرح المنظومة البوسية، للقاضي العلامة المجتهد المحقق الحسين بن الناصر بن عبد الحفيظ بن عبدالله المهلا |.