الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الباب الثامن النسخ]

صفحة 386 - الجزء 1

  (أَوْ غَيرَ صَريحٍ) بأن ذكر ما هو في معنى الصريح، نحو قوله ÷: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها»، «كنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي ألا فادخروها»، وقوله تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ}⁣[الأنفال ٦٦] بعد قوله: {إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣[الأنفال ٦٥].

  فهذان الطريقان دليلان يُعمل بهما في المعلوم والمظنون⁣(⁣١).

  والقسم الثاني من الطريق الأُوَل بيَّنه بقوله: (وَإِمَّا أَمَارَةٌ)، ويشترط فيها أن تكون (قَوِيَّةٌ) بحيث يحصل بها الظن بتعيين الناسخ من المنسوخ، وذلك: (كَتَعَارضِ الخَبَرَينِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ مَعَ مَعرِفَةِ المُتَأَخِّرِ) منهما (بِنَقْلٍ) من أحد الصحابة، كأن يقول: هذا الخبر متأخر عن ذاك، وهذه الآية نزلت قبل تلك فإنا نقبله. قال بعضهم: ولو كان يقتضي نسخ المتواتر بالآحادي؛ لأن النسخ إنما حصل بطريق التبع⁣(⁣٢).

  قلت: وهذا على قول من يعمل بهذا في القطعي والظني، وأما من لم يعمل به إلا في المظنون فقط - كما سيأتي عن قريب - فلا يقبله إذا كان يقتضي ذلك. فتأمل! والله أعلم.

  فأما لو قال: هذا ناسخ وهذا منسوخ فإنا لا نقبله؛ لأنه من الطرق الفاسدة كما سيأتي.

  (أو) تعارضهما من كل وجه مع حصول (قَرينَةٍ قَوِيَّةٍ) يحصل معها غلبة الظن بتأخر أحدهما، (كَغَزَاةٍ) أي: بأن ينسب الصحابي أحدهما إلى غزاة، (أو) ينسبه إلى (حَالَةٍ) متقدمة، وينسب الآخر من المتعارضين إلى غزاة أو حالة


(١) قال صاحب القسطاس: قال #: وهذان الطريقان يؤخذ بهما في نسخ القطعي والظني اتفاقاً، وقد يمنع ذلك الاتفاق إلا حيث المتن قطعي، ولعله أراد ذلك.

(٢) يعني أنه قد ثبت النسخ بالدليل القاطع، وقول الصحابي إنما هو مبين للمتقدم من المتأخر، فهو تابع لثبوته.