الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الباب الثامن النسخ]

صفحة 392 - الجزء 1

  بن عيسى، وكتاب السنن لأبي دواد. وقد قيل: إن عدد الأحاديث التي يحتاج إليها ألف ألف حديث. وقيل: سبعمائة ألف حديث.

  (وَمَسَائِلِ الإِجمَاعِ) أي: المسائل التي وقع عليها الإجماع من الصحابة والتابعين وغيرهم من مجتهدي هذه الأُمة، وهي قليلة جدا، قيل: سبعة عشر مسألة. وإنما اشترط معرفتها ليعلم أن ما أدى إليه اجتهاده ليس مخالفا للإجماع، بأن يعلم أنه موافق لمذهب، أو واقعة متجددة لا خوض فيها لأهل الإجماع⁣(⁣١).

  فهذه هي علوم الاجتهاد على الصحيح، وقد اشترط غير ذلك: منها: حال الرواة⁣(⁣٢) للأدلة. قيل: لا بد من معرفة حالهم في القوة والضعف. ومعرفة طرق الجرح والتعديل. وهذه ليست بشرط إلا عند من لم يقبل المراسيل، وأما من يقبلها فالمعتبر عنده صحة الرواية عن المصنف، ثم العهدة عليه.

  ومنها: علم أصول الدين، فقيل: ليس بشرط⁣(⁣٣)؛ لإمكان استفادة الأحكام من أدلتها لمن جزم بحَقِّية الإسلام على سبيل التقليد. وقيل: بل هي شرط؛ لتوقف الاستدلال بالسمعيات على ثبوت الباري، وصدق المبلغ، ولا يُعرف ذلك إلا به.

  قيل: وهذا في التحقيق من لوازم منصب الاجتهاد وتوابعه، لا من مقدماته وشرائطه.


(١) عبارة القاضي يحيى حميد في شرح مقدمة الأزهار: ويكفيه في معرفة كون اجتهاده غير مخالف للإجماع بأن يكون موافقاً لمذهب صحيح، أو يعلم أن المسألة التي اجتهد فيها حادثة لم يكن لأهل الإجماع فيها خوض؛ لأن مخالفة الإجماع القطعي كمخالفة النص القطعي.

(٢) قال الإمام المهدي # في سياق خطبة البحر الزخار ما لفظه: فأما المنطق فالمحققون لا يعدونه؛ لإمكان إقامة البرهان من دونه، وأما علم أحوال النقلة تفصيلاً، وانتقاد أشخاصهم جرحاً وتعديلاً - فقبول المراسيل قد أسقطه، وإنكار قبولهم إياه سفسطة؛ فإنه لما كان غاية محصوله التظنين، لم يستثمر به العلم اليقين - حكم فحول علماء الأصول بقبول مراسيل العدول، وأن رواية العالم العدل تعديل حيث لا يرى قبول المجاميل.

(٣) والأولى أن يعلم منه قدراً به تتم نسبة الأحكام إلى الله تعالى، من كونه موجوداً قديماً حياً قادراً حكيماً عليماً، وثبوت تكليفه، وبعثة النبي ÷، ومعرفة معجزته وشرعه، وإن لم يتبحر في أدلتها التفصيلية.