الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الباب الثامن النسخ]

صفحة 393 - الجزء 1

  (وَالمُخْتَارُ) عند المحققين (جَوَازُ تَعبُّدِ النَّبِيِّ ÷ بِالاجتهاد) فيما لا نص فيه (عَقْلاً(⁣١))، وأنه لا مانع من جوازه.

  ومنهم: من منع من ذلك⁣(⁣٢)؛ واحتج بأنه لو جاز ذلك لجازت مخالفته كسائر المجتهدين؛ لأن جواز المخالفة من لوازم أحكام الاجتهاد، والإجماع منعقد على المنع من مخالفته.

  والجواب⁣(⁣٣) عن ذلك: أن قياسه على سائر المجتهدين قياس مع وجود الفارق؛ إذ الفرق بينهما أن الله أوجب علينا اتباع قول رسوله ÷ سواء صدر عن وحي أو عن اجتهاد، بخلاف غيره.

  وأما وقوع الاجتهاد منه فقد اختلف فيه، فمنهم من قال⁣(⁣٤): لم يقع، ومنهم من قال⁣(⁣٥): بل قد وقع.

  ومنهم من قال - وهو المختار -: (إِنَّهُ لاَ قَطْعَ بِوُقُوعِ ذَلِكَ) أي: الاجتهاد منه ÷ (وَلاَ انْتِفَائِهِ)؛ لعدم الدليل عليهما. وهذا في الأمور الدينية، وأما في الأمور الدنيوية وفي الآراء والحروب⁣(⁣٦) فإنه قد دل الدليل على وقوعه، من ذلك: إذنه للمتخلفين⁣(⁣٧) بالتخلف، فإنه كان عن اجتهاد؛ بدليل أنه عوتب عليه


(١) وهو قول أبي طالب، وأبي عبدالله البصري، والشيخ الحسن، والمنصور بالله. شرح غاية.

(٢) عقلاً، حكاه في الفصول عن بعض أ ئمتنا والشيخين وأبي عبدالله البصري، وفي هذه الحكاية نظر؛ فإن أبا طالب صرح في المجزى أن مذهب الشيخين وأبي عبدالله البصري جوازه عقلاً. شرح غاية.

(٣) ولفظ القسطاس مع المعيار: قلنا: لا مانع من أن يقترن بالاجتهاد قاطع يمنع من جواز المخالفة، ألا ترى أن اقتران الإجماع بالاجتهاد يخرجه عن أن تجوز مخالفته، وكذلك اجتهاد الرسول ÷ قد اقترن به قوله وهو قاطع فتحرم لذلك مخالفته؛ فلا يكون جواز المخالفة من لوازم أحكام الاجتهاد مطلقاً، بل حيث لم يقترن به قاطع فلا يلزم جواز المخالفة.

(٤) أبو طالب، وأبو عبدالله البصري، والشيخان، وأكثر المعتزلة. شرح غاية.

(٥) الشافعي، وأبو يوسف، وارتضاه ابن الحاجب. ح غ.

(٦) في شرح الغاية: لا خلاف أن النبي ÷ يجوز له الاجتهاد في الآراء الدنيوية والحروب، دون أحكام الدين إلا ما يروى عن الجبائي وابنه، والأصح عنهما خلافه.

(٧) هذا من الأمور الدنيويه كما في المنهاج.