[فائدتان في الاجتهاد]
  في قوله تعالى: {عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ}[التوبة ٤٣]؛ إذ لا يعاتب على ما كان بالوحي. وكما روي أنه ÷ في بدر حط في موضع عن رأيه؛ بدليل أنه سُئِل: هل ذلك عن رأي أو عن وحي؟ فقال: «بل عن رأي»، فروجع(١) فانتقل، والقصة مستوفاة في سيرة ابن هشام. وغير ذلك(٢) من الوقائع كثير كما في كتب السِّيَر.
  وأما ما عدا ذلك من أمور الدين فلا دليل على وقوع الاجتهاد فيه، والأصل عدمه.
[فائدتان في الاجتهاد]
  فائدتان على القول بوقوع الاجتهاد منه ÷:
  الأولى: إذا اجتهد ÷ في أمر هل يجوز أن يخطئ فيه؟
  قيل: لا، وإلا وَجَبَ اتباعه فيه. وقيل: يجوز بشرط أن لا يقر عليه.
  قلنا: إذا قلنا بوقوعه فلا خطأ قطعا؛ إذ المطلوب من المجتهد ما أداه إليه ظنه لا غير ذلك، فلا خطأ حينئذ مع توفية الاجتهاد حقه، فتأمل.
  الثانية: إذا اجتهد ÷ فقاس فرعا على أصل فإنه يجوز القياس على هذا الفرع؛ لأنه صار أصلا بالنص. وكذا إذا أجمعت الأُمَّة على ذلك، ذكره بعضهم.
  (و) المختار أيضا أنه يصح الاجتهاد في عهده ÷، و (أَنَّهُ قَد وَقعَ) ممن عاصره (فِي غَيْبَتِهِ) ÷؛ بدليل خبر معاذ ¥ حين وجَّهَه ÷ إلى اليمن، حيث قال: أجتهد رأيي، وأَقَرَّه.
  (وَ) في (حَضْرَتِهِ) أيضا ÷، كقول أبي بكر(٣) يوم حنين فيمن سلب قتيل غيره: لاها الله(٤)، إذًا لا يعمد إلى أسد من أُسد الله يقاتل عن الله ورسوله
(١) أشار بعض أصحابه ÷ عليه بالتقدم للقرب من الماء فرجع عن رأيه. ح. السيد داود.
(٢) من ذلك أخذ الفداء من الأسارى، ودلت الآية - وهي قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى}[الأنفال ٦٧] - على وقوع الخطأ في ذلك الاجتهاد، وهو مما استدل به من أجاز وقوع الخطأ في الاجتهاد الصادر منه ÷، ولكن لا يقر عليه، بل ينبه.
(٣) عقيب قوله ÷: «من قتل قتيلاً فله سلبه»، قال ذلك ثلاثاً، أخرجه مسلم، ذكره في شرح الغاية.
(٤) ومعناه: لا والله، جعل الهاء مكان الواو. سيلان.