الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[التقليد]

صفحة 407 - الجزء 1

[التقليد]

  (فَصْلٌ: وَالتَّقْلِيْدُ) في اللغة: مشتق من القلادة. كأن المقلد⁣(⁣١) يجعل قول العالم الذي تبعه فيه قلادة في عنقه، أو يجعل قوله الذي تبع فيه العالم قلادة في عنق العالم.

  وفي الاصطلاح: (اتِّبَاعُ قَولِ الغَيرِ(⁣٢) مِنْ دُونِ حُجَّةٍ وَلاَ شُبْهَةٍ(⁣٣)) أي: من دون أن يطالب المتَّبِعُ صاحبَ القول بحجة ولا شبهة؛ إذ لو طالب في أيهما لم يكن مقلدا؛ فحينئذ المقلد: هو المتبع للغير، سواء كان ناويا للعمل بقوله أم لا.

  وأما المستفتي: فهو من لم ينوِ العمل بقول عالم، وإنما يَعتمد على السؤال، وسواء عمل أم لا.

  وأما الملتزِم⁣(⁣٤): فهو من نوى العمل بقول عالم في مسألة أو أكثر مستمرا، وسواء عمل أم لا.


= وإما بعد تحرير الأئمة الأمارات وضم كل إلى جنسه، فإذا كان كذلك فقيام ما ذكرتم من الاحتمال لبعده لا يقدح في ظن الحكم، فيجب العمل به. ح. حا، وقسطاس.

(١) في شرح الغاية: مأخوذ من القلادة، كأن المستفي جعل الفتيا قلادة في عنق المفتي.

(٢) في شرح جمع الجوامع: معنى اتباع قول الغير: أن يعتقد من غير معرفة دليله؛ فخرج عليه اتباع غير القول من الفعل والتقرير فليس تقليداً، وخرج بقوله: من دون حجة ولا شبهة - اتباع القول مع معرفة دليله، فهو اجتهاد وافق الاجتهاد القائل؛ لأن معرفة الدليل لا تكون إلا للمجتهد؛ لتوقفها على معرفة سلامته عن المعارض بناءً على وجوب البحث عنه، والسلامة متوقفة على استقراء الأدلة كلها، ولا يقدر على ذلك إلا المجتهد.

(*) والمراد بالقول ما يعم القول والفعل والتقرير تغليباً. ح. حا.

(٣) احتراز من اتباع المخالفين لأقوال أسلافهم المنتسبة إلى العلم، فإنه لأجل الشبهة التي أوردوها لهم؛ فلا يكون تقليداً. ح. حا.

(٤) قلت: وللإمام شرف الدين في ذلك تفصيل حسن، وهو: أن غير المجتهد إن نوى الالتزام لقول إمام معين فهو الملتزم، وإن لم ينو ذلك فإن عمل بقول إمام معين فهو المقلد، ولا يلزمه حكم الملتزم، وإن سأل الإمام فقط ولما يعمل بقوله فهو المستفتي، وله أن يعمل بأي أقوال المفتين شاء، والمستفتي أعم من المقلد والملتزم، كما يفهم من التقسيم المذكور. بلفظه. أورده في شرح الغاية ثم عقبه بأن قال: والصحيح أن الملتزم والمقلد متحدان في المعنى على ما ذكر من الخلاف، ولا فرق بينهما إلا عند من ينفي اللزوم بالالتزام؛ لأنه يجعل العامل مقلداً، ولا يجعل للالتزام معنى.