[التقليد]
  (وَلا) يجوز أيضا التقليد (فِيمَا يَتَرتَّبُ عَلَيهَا) أي: على العلميات، وذلك كالموالاة للمؤمن. وحقيقتها: أن تحب له كل ما تحب لنفسك، وتكره له كل ما تكره لها. ومن ذلك تعظيمه، واحترام دمه وماله وعرضه، فذلك وإن كان عمليا فلا يجوز التقليد فيه؛ لترتبه على أمر علمي وهو الإيمان. وكذلك المعاداة، وهي نقيض الموالاة. فهذه الأمور المتقدمة لا يجوز التقليد فيها، ولا العمل بالظن، بل لا بد من العلم اليقين عن الدليل الدال عليها، والله أعلم.
  (وَيَجِبُ) التقليد من غير شرط (فِي العَمَلِيَّةِ الْمَحْضةِ) أي: التي لا تَعَلُّق لها بالعلم؛ وذلك بدليل قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[النحل ٤٣]، فقيد تعالى الأمر بالعلة التي هي عدم العلم، فيتكرر بتكررها، فكلما تحقق عدم العلم تحقق وجوب السؤال، فتأمل، والله أعلم.
  ومنهم من قال: إنما يجب عليه(١) التقليد بشرط أن يسأل العالم(٢) لينبهه على طريق الحكم، ويبين له صحة اجتهاده بدليله.
  والمختار أنه يجب عليه التقليد بغير شرط في العملية المحضة، وسواء في ذلك (الظَّنِّيَّةِ) وهي التي دليلها يثمر الظن، كمسائل الخلاف من الفروع، (وَالقَطْعِيَّةِ) وهي التي دليلها يثمر القطع، كوجوب الوضوء بقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}[المائدة ٦]، وكتحريم الربا في الأشياء الستة الثابت بالنص منه ÷.
  ومنهم من قال: إنما يجب ذلك في الظنية فقط، وأما القطعية فلا. والصحيح ما ذكره المصنف ¦ من وجوبه مطلقا، والدليل على ذلك أن العلماء - رحمهم الله تعالى - لم يزالوا يُستفتون في المسائل القطعية والظنية فيُفتون
(١) يعني العامي العالم بطرف صالح، ذكر معناه في العضد.
(٢) في العبارة قلق وتدافع؛ لأن المجتهد إذا بين للعامي الحكم بدليله لم يكن الاتباع تقليداً. وكأن الشارح | تابع صاحب القسطاس، فإن عبارته قريبة من عبارته. وعبارة الإمام المهدي # في المعيار والمهناج: وقال الجعفران وبعض البغدادية: لا يجوز التقليد فيها، أي: في العمليات، بل يجب عليه أن يسأل العالم التنبيه على طريق الحكم.