[التقليد]
  ويُتَّبَعون في ذلك، من دون تفرقة بين معلوم ومظنون، ولا إبداء مستند، وشاع ذلك عنهم وذاع وتكرر، ولم ينكر عليهم أحد، فكان إجماعا على ما ذهبنا إليه من اللزوم من غير شرط، واقتضى التعميم أيضا، فثبت ما قلنا، وبطل ما قاله الخصم، والله الموفق.
  وإنما يجب التقليد فيما ذكر (عَلَى غَيْرِ المُجْتَهِدِ) سواء كان عاميًّا صِرفًا أو عارفا لِطرف صالح من علم الاجتهاد، لا المجتهد فلا يجوز له التقليد كما تقدم.
  (وَ) يجب (عَلَى المُقَلِّدِ البَحثُ عَنْ كَمَالِ مَنْ يُقَلِّدُهُ) إذا جهل حاله (فِي عِلمهِ وَعَدَالَتِهِ)؛ وذلك لأنه يُشترطُ في المقلَّد وصلاحيته للتقليد العلمُ والعدالةُ، ولا طريق إليهما مع جهل الحال إلا البحث، فيجب عليه(١)، حتى يعلم هل هو جامع للاجتهاد والعدالة فيقلده، أو لا فلا يقلده.
  (وَيَكفِيهِ) أي: المقلد عن البحث في جواز تقليد من أراد تقليده (انتصَابُهُ) أي: المقلَّد (فِي بَلَدِ(٢)) إمامٍ(٣) (مُحِقٍّ لاَ يُجِيزُ تَقْلِيْدَ كَافِرِ التَّأْوِيلِ) وهو المجبر والمشبه (وَفَاسِقهِ) وهو الباغي على إمام الحق. وإنما اشتُرِط ذلك لأنه مهما لم يكن انتصابه كذلك لم يأمن المستفتي الذي يَحرم عنده تقليد فاسق التأويل وكافره أن يكون هذا المنتصب فاسق تأويل أو كافره عنده فلا يجوز الأخذ عنه؛ إذ لا يحصل ظنٌّ بصلاحيته حينئذ. وأما إذا كان انتصابه في البلد المذكور فإنه
(١) فإذا لم يبحث لم يأمن فسقه تصريحاً أو تأويلاً، أو جهله بعلوم الاجتهاد أو بعضها، فلا يصلح للفتوى، فيكون تقليده إقداماً على ما لا يؤمن قبحه ويكفيه في ذلك سؤال من يوثق بخبره ويثمر الظن. معيار، ومنهاج.
(٢) وفي الغاية وشرحها ما لفظه: بلا قدح من معتد به، فأما إذا قدح من يعتد به من أهل العلم والورع في ذلك المنتصب لم يحصل الظن بعدالته؛ فلا يجوز الأخذ بفتواه، اللهم إلا أن يعارض قدح القادح خبر من مثله بعدالة المنتصب رجع إلى الترجيح. وأما قدح من لا يعتد به فغير ضائر
(٣) لو لم يذكر لفظ إمام لكان أولى؛ ليدخل المحتسب وغيره، كأن يكون شوكة البلد لمحقين لا يسكتون على إنكار مثل ذلك، وعبارة المتن شاملة، وقد قال الإمام المهدي # في المنهاج ما لفظه: قلت: إذا كان المفتي في بلد شوكته لأهل الحق الذي لا يسكتون عن منكر، وإلا لم يأمن مع استفتاء الناس إياه كونه غير صالح.