[التقليد]
  (و) كذلك تقليد المجتهد (الأَعْلَمِ) وسواء كان حيا أم ميتا (أَوْلَى مِنْ) تقليد المجتهد (الأَوْرَعِ) بعد استكمالهما لنصاب الاجتهاد والعدالة، ولكن أحدهما زاد في العلم والآخر في الورع، فإن الذي زاد في العلم أولى بأن يُقلَّدَ ممن زاد في الورع؛ لأن الظن بصحة قوله أقوى؛ لقوة معرفته بطرق الحادثة، والله أعلم.
  (وَالأَئِمَّةُ المَشْهُورُونَ) بكمال الاجتهاد والعدالة من أهل البيت $، وسواء كانوا ممن قام ودعا كالقاسم والهادي @ وغيرهما، أم لا كعلي بن الحسين زين العابدين والصادق @ وغيرهما - (أَوْلَى) بأن يقلدوا (مِنْ غَيْرِهِمْ) مِن سائر المجتهدين عندنا؛ وذلك لما بيَّنا آنفا من أنه يلزم المقلد تحري الأكمل علما وعدالة، وأئمة أهل البيت $ هم المختصون بالكمال فيهما؛ لأن مذهبهم $ متضمن للعدل والتوحيد؛ لما عُلم من نصوصهم بذلك، ومن تخطئتهم المجبرة والمشبهة؛ إذ(١) لم يُسمع عن أحد من الناس أنه نقل عن واحد من مجتهديهم ما يخالفهما، فهم منزهون عن الرذائل التي رويت عن غيرهم، منها: إيجاب القدرة لمقدورها؛ فإنها تستلزم الجبر؛ من حيث إنه يلزم أن لا يتعلق الفعل بالقادر، ولا ينسب إليه، بل إنما يتعلق بفاعل القدرة؛ لأنها موجِبَة له وسبب فيه، وفاعل السبب فاعل المسبب. وهذا قد روي عن النعمان بن ثابت أبي حنيفة. بخلاف من قال: إنها مجوزة له(٢)، فإنه لا يلزمه ذلك، كما هو مذهب أهل البيت $.
  ومنها: تجويز الرؤية على الله تعالى يوم القيامة، فإنها تستلزم التشبيه له تعالى بالأجسام والأعراض، تعالى عن ذلك علوا كبيرا؛ إذ لا يُرى إلا ما هو جسم أو عرض(٣)، وذلك يستلزم حدوثه تعالى. وهذا قد روي عن محمد بن إدريس الشافعي.
(١) الأولى: ولم يسمع؛ إذ ليس ذلك علة لما قبله. وعبارة الإمام المهدي # في الغيث: بالواو كما هو الصواب.
(٢) والأولى: غير موجبة، كما هي عبارة أهل الكلام.
(٣) فيه تسامح؛ لتلازم العرض والجسم، ولعل أو لتنويع الخلاف. مصححه.