الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[التقليد]

صفحة 413 - الجزء 1

  ومنها: المصالح المرسلة، وهي التي لا يشهد لها أصل معين بالاعتبار ولا بالإلغاء كما تقدم، وهي مروية عن مالك بن أنس الحميري، وأنه كان له بها لَهَجٌ كثير، حتى إنه نسب إلى إفراط مذموم، وهو القول بجواز قتل ثُلُثِ مَن لا يُستباح دمه لبقاء الثلثين، والله أعلم. ومنها: التجسيم لله تعالى، فإنه يروى عن أحمد بن حنبل.

  فهذه الرذائل أهل البيت $ منزهون عنها، فكانوا أكمل علما وعدالة، بخلاف غيرهم، فإنه قد روي عنهم شيء منها كما ذكرنا، وهي تقتضي الاختلال في العلم والعدالة. وإن كان قد ذكر الإمام المهدي # أن الفقهاء المذكورين منزهون عن تلك الرذائل؛ لأنها تقتضي اختلالا في الدين، ونحن من إسلامهم على يقين، فلا ننتقل عن هذا اليقين إلا بيقين، ولا يفيد اليقين في مثل ذلك إلا التواتر، ولا تواتر عنهم، سيما الثلاثة، يعني: أبا حنيفة والشافعي ومالكا، لكن قيل في المثل: من يَسمع يَخل.

  ومما يدل على أن أهل البيت $ أولى بأن يُقلدوا ما روي فيهم من الآيات القرآنية والأخبار⁣(⁣١) النبوية، الدالة على أنهم الفرقة الناجية، كما تقدم بيان ذلك وتحرير تلك المسالك في آخر باب الإجماع، فليُرجع إليه، والله أعلم.

  (وَالْتِزَامُ مَذْهَبِ إِمَامٍ مُعَيَّنٍ(⁣٢)) في رخَصِهِ وعزائمِهِ كالهادي والقاسم @ وغيرهما من مجتهدي أهل البيت $، وكأبي حنيفة والشافعي من مجتهدي غيرهم، وسواء كان حيًّا أم ميتًا - (أَوْلَى) من ترك الالتزام رأسا، والاعتماد على سؤال مَن عَرَضَ من العلماء فيما عَرَضَ من الأحكام (اِتِّفَاقاً) بين العلماء القائلين


(١) في المخطوطتين: والآثار.

(٢) في الغاية وشرحها: مسألة: والتزام مذهب إمام معين أولى؛ لإيجاب البعض له، أي: للالتزام، كالإمام المنصور بالله وشيخه وغيرهما؛ فيكون الالتزام أقرب إلى الأخذ بما يقرب من الإجماع؛ لأن الأكثرين بين قائل بالوجوب وبالندب. وعورض دليلهم - على ما فيه - بإيجاب البعض للأحوط من أقوال المجتهدين كوالدنا المنصور بالله # وغيره، وله فيه تفصيل مبسوط في إرشاده.