الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[التقليد]

صفحة 414 - الجزء 1

  بالتقليد؛ وإنما كان أولى لبعده عن التهور في الدين، وتتبع الشهوات، كما سيأتي.

  (وَفِي وُجُوبِهِ) أي: الالتزام لمذهب إمام معين (خِلافٌ) بين العلماء القائلين بالتقليد، فمنهم من قال - وهو المختار -: لا يجب عليه ذلك، بل له أن يقلد هذا في حكم وهذا في آخر؛ بدليل وقوع ذلك من الصحابة ¤، فإنه كان العامِّي يسأل من صادف منهم عما عرض له، ولم يُسمع منهم الإنكار على أحد من العامة بترك الالتزام لمذهبِ واحدٍ منهم، فاقتضى ذلك الإجماع على جوازه، وإلا لأنكروا، ولو أنكروا لَنُقِلَ، كما نُقل عنهم الإنكار في غير ذلك.

  ومنهم⁣(⁣١) من قال: بل يجب عليه ذلك، والله أعلم.

  (وَبَعْدَ الْتِزَامِ) المقلد (مَذهَبِ مُجْتَهِدٍ) بأي وجوه الالتزام الآتية، وسواء كان الالتزام لمذهبه (جُمْلَةً) أي: في جملة المذهب؛ بأن ينوي اتباعه في رخصه وعزائمه، (أو فِي حُكمٍ مُعِيَّنٍ) فقط؛ بأن ينوى اتباع المجتهد في ذلك الحكم وحده، أو في أحكام معينة أيضا - فإنه متى حصل ذلك (يَحْرُمُ) على المقلد (الانتِقَالُ) حينئذ (بِحَسَبِ ذَلِكَ) الالتزام: إما جملة، أو في حكم، أو في أحكام معينة، فأيُّ ذلك حصل من المقلد حرم عليه الانتقال⁣(⁣٢) (عَلَى المُخْتَار). ومنهم: من جوز ذلك.

  والصحيح الأول؛ قياسا على المجتهد، وبيانه: أن المجتهد إذا أدَّاه اجتهاده إلى حكم من الأحكام بعد أن وَفَّى الاجتهاد حقه، لم يجز له العمل بقول غيره لغير مرجِّح، كما تقدم، فكذلك المقلد الذي قد التزم قول إمام وأراد العمل بقوله لا يجوز له العمل بقول غيره لغير مرجح سوى هوى النفس.

  فالأصل: المجتهد، والفرع: الملتزم، والحكم: حرمة الانتقال، والعلة: كونه


(١) هو الشيخ الحسن وحفيده، ويروى عن أبي الحسين والمنصور بالله. حا.

(٢) إلى مذهب إمام آخر لغير مرجح؛ لأنه قد اختار مذهب الأول، ولا يختاره إلا وهو أرجح من غيره عنده؛ فليس له الخروج عنه، كما أنه ليس للمجتهد الانتقال عن اجتهاده لغير مرجح. منهاج.