الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[التقليد]

صفحة 416 - الجزء 1

  ومنها: أن ينكشف للمقلد نقصان من التزم مذهبه عن درجة الاجتهاد، أو كمال العدالة المشروطة في المجتهد، فإنه يجب على المقلد⁣(⁣١) حينئذ الانتقال.

  ومنها: أن ينكشف له أن ثَمَّ أعلم منه أو أورع، فإنه أيضًا يجوز له الانتقال عن مذهبه؛ لأن المقلد لا يرى الترجيح بين من يقلده من المجتهدين إلا بالأعلمية⁣(⁣٢) والأورعية. فهذا وجه مجوِّز للانتقال، وأما أنه يوجبه فلا⁣(⁣٣).

  ومنها: أن يفسق المجتهد الذي قد كان المقلد التزم مذهبه، فإنه أيضا يجب عليه الانتقال عن مذهبه فيما تعقب الفسق من أقواله، لا فيما قبله، إلا أنه ينبغي له أن لا يعتزي إليه فيها، بل إلى موافقه إن كان ثَمَّ موافق، وإلا وجب عليه الانتقال فيها أيضا؛ إذ قد ارتفع خلافه بفسقه. فإن تاب قبل أن ينتقل المقلد وجب عليه البقاء⁣(⁣٤)، والله أعلم.

  (و) أمَّا مَا (يَصِيْرُ) به المقلد (مُلتَزِماً) فهو يصير كذلك (بِالنِّيَّةِ) فقط، وإن لم يحصل لفظ أو عمل، بل إذا قد عزم على العمل بقول الإمام صار ملتزما؛ لأن ذلك هو المفهوم من معنى الالتزام.


(١) فأما ما فعله قبل حصول الترجيح وانكشاف النقصان فقد صح وأجزأ، اللهم إلا أن ينكشف لنا أن العالم الأول فاسق من ابتداء اجتهاده، وكان قوله مخالفاً لما يقوله أهل زمانه، فإنه قد نقل عن الإمام شرف الدين برواية المصنف أنه لا حكم لاجتهاده، بل وجوده كعدمه، فيجب على مقلده أن يتدراك ما عمل فيه بقوله بالقضاء وغيره. قال المصنف: ولعل الإمام # يقول بمثل ذلك حيث انكشف عدم اجتهاد ذلك العالم، لا سيما حيث لم يوافق قول مجتهد في عصره. ح. حا.

(٢) وثمرة الترجيح إنما تظهر حيث يقع الخلاف، فأما حيث الاتفاق فلا.

(٣) وظاهر كلام صاحب الجوهرة وجوب ذلك. قال #: وفي و جوب ذلك غاية البطلان؛ إذ لم يسمع عن أحد من الصحابة ومن بعدهم النكير على من قلد المفضول وإلزامه الإنتقال إلى قول من هو أعلم منه، أو أفضل. من تلخيص يحيى حميد. قوله: كلام صاحب الجوهرة وجوب ذلك ... إلخ لأنه أوجب في ابتداء التقليد تحري الأعلم ثم الأورع، والعلة التي وجب لأجلها موجودة مستمرة بعد التزام قول الأقل علماً على حد وجودها قبله.

(٤) يقال: قد حصل الإجماع على خلاف ما يقوله، فلا يجوز له الاجتهاد المؤدي إلى خرق الإجماع، فتأمل. وكذا المجتهد أيضاً في نفسه لا يعمل بعد التوبة باجتهاد نفسه قبل الفسق؛ إذا كان مخالفاً لما يقوله أهل زمانه.

(*) وعن الإمام المهدي #: أن خلافه ينقرض بفسقه، وينعقد الإجماع على خلاف قوله، وقواه المؤلف ¦. ح. أثمار.