الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[التقليد]

صفحة 417 - الجزء 1

  (وَقِيْلَ:) بل لا بد (مَعَ) النية والعزم من (لَفْظٍ)، بأن يقول: التزمت مذهب المجتهد مثلا، (أَو عَمَلٍ)، كأن يعمل بقول المجتهد.

  (وَقِيْلَ:) بل يصير ملتزما (بِالعَمَلِ وَحدَهُ) من دون نية.

  قلنا: لا عمل إلا بنية.

  (وَقِيلَ: بِالشُّروعِ فِي العَمَلِ) وإن لم يتم ذلك العمل. والفرق بين هذا القول والأول أن الأول قال: لا يصير ملتزما إلا بجميع العمل، فيجوز له الانتقال بعد الشروع قبل التمام، بخلاف صاحب هذا القول، مثلا إذا شرع في الوضوء مقلدا لمن يقول بوجوب الترتيب فعلى القول الأول يجوز له بعد الشروع قبل التمام أن يلتزم قول من لم يقل بوجوبه، لا بعد التمام فلا يجوز له. وعلى القول الثاني يصير ملتزما بالشروع، فلا يصح منه ذلك، فتأمل والله أعلم.

  و (قِيْلَ:) بل يصير ملتزما (باعْتِقَادِ صِحَّةِ قَولِهِ(⁣١)) أي: المجتهد، وإن لم يعزم على متابعته، ولا لفظ بها، ولا عمل أيضا، ولا سأل.

  (وَقِيلَ: بِمُجَرَّدِ سُؤالِهِ(⁣٢)) أي: إذا سأل العاميُّ العالمَ عن مذهبه جملة أو في حكم معين صار السائل مقلدا لذلك العالم بمجرد السؤال⁣(⁣٣)، وإن لم تحصل منه نية ولا عمل ولا لفظ، والله أعلم.

  (واختُلِفَ) أي: اختلف العلماء (فِي جَوازِ تَقْلِيدِ) العامي (إِمَامَينِ فَصَاعِداً) أي: فأكثر من إمامين؛ فمن أوجب التزام مذهب إمام معين منع من ذلك، ومن


(١) فمتى صح قول المفتي في نفس المستفتي كان ملتزماً واجباً عليه الاتباع له في جميع أقواله. شرح غاية.

(٢) قيل: ذكره في شرح الجوهرة. قال الإمام المهدي #: والصحيح هو القول الأول؛ لأن التقليد كالاجتهاد، فكما أن المجتهد متى عزم على العمل بما أداه إليه نظره صار ذلك الاجتهاد مذهباً له يحكى عنه وإن لم يكن قد عمل - كذلك اختيار المقلد لمذهب عالم هو كالاجتهاد منه في ذلك، فمتى انعقدت نيته - وهي العزم على العمل بقوله - فقد نفذ اجتهاده فيه كنفوذ اجتهاد المجتهد، فيصير بذلك مقلداً ملتزماً، سواء عمل به أم لم يعمل، كما في المجتهد سواء سواء. حا.

(٣) ولم يكن له أن يستفتي غيره، بل يجب عليه اتباعه في جميع الأحكام الشرعية. شرح غاية. معنى.