الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[التقليد]

صفحة 419 - الجزء 1

  وما يروى عن مالك أنه أجاز نكاح الدَّنِيَّةِ من النساء من غير ولي ولا شهود إذا لم يتواطئا على الكتمان - رواية شاذة، لا تقدح في المثال المذكور.

  وأما الجمع بين القولين لا على الوجه المذكور فلعل فيه الخلاف السابق في جواز تقليد إمامين، والله أعلم. فكأن هذه المسألة فرع لتلك؛ ولذلك ذكرت بعدها، فتأمل والله أعلم.

  (و) اعلم أنه (يَجُوزُ لِغَيرِ المُجْتَهِدِ أَنْ يُفِتِيَ بِقَوْلِ الْمُجْتَهِدِ) المنصوص عليه (حِكَايَةً) لذلك (مُطلَقاً)، أي: سواء كان مُطَّلِعًا على المأخذ أهلاً للنظر أم لا، فلا يشترط ذلك، وإنما يشترط الحفظ والعدالة.

  (و) أما إذا كان إفتاؤه (تَخريجاً) لمسألة من مفهوم مسألة نص عليها المجتهد - فإنه لا يجوز ذلك إلا (إذَا كَانَ) غيرُ المجتهد (مُطَّلِعاً عَلَى المَأْخَذِ) الذي يريد أن يأخذ منه تلك المسألة، وهي المسألة التي قد نص عليها ذلك المجتهد، (أَهلاً لِلنَّظَر) في التخريج؛ بأن يكون عارفا لدلالة الخطاب، وما هو ساقط منها، وما هو مأخوذ به، وقد تقدم بيانها في باب المنطوق والمفهوم، فإذا كان كذلك قُبِل منه التخريج.

  وألفاظه أن يقول: «تخريجا» أو «على أصل» أو «على قياس» أو «على مقتضى» أو «على موجب» أو «على ما دل».

  مثال ذلك: أن يسأل العاميُّ غيرَ المجتهد: هل تجب في معلوفة الغنم زكاة على مذهب المجتهد الفلاني؟ وقد كان المجتهد نص على أنه يجب في سائمة الغنم زكاة، وقد عرف هذا النص، وعرف مفهوم الصفة وشروطه، وأنه مأخوذ به عند ذلك المجتهد، فيقول: لا تجب فيها الزكاة عنده؛ تخريجا من قوله: في سائمة الغنم زكاة. ويقبل منه ذلك. هذا في التخريج.

  وأما القياس فإنه لا يُقبل منه إلا إذا كان عارفا بكيفية رد الفرع المقيس إلى الأصل المقيس عليه، بأن يعرف أركان القياس التي هي الأصل والفرع والعلة