الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[التقليد]

صفحة 420 - الجزء 1

  والحكم، وشروطها⁣(⁣١)، فلا بد أن تكون له مَلَكةٌ يقتدر بها على استنباط حكم الفرع من الأصل، بأن يكون مجتهدا في المذهب⁣(⁣٢)، كالمؤيد بالله وأبي طالب @، وغيرهما ممن هو بصفتهما من سائر المذاكرين، فإنه يُقبل منهم ما أفتوا به⁣(⁣٣) على مذهب الهادي والقاسم @ مما لا نص لهما فيه، قياسا على ما قد نصوا عليه؛ لمعرفتهم بشروط القياس؛ لأنهم مجتهدون، فتأمل والله أعلم.

  (وَإِذَا اخْتلفَ المُفتُونَ عَلَى المُسْتَفْتِي(⁣٤) غَيرِ المُلْتَزِم) مع استوائهم⁣(⁣٥) في العلم والورع. وقوله: «غير الملتزم» إذ لو كان ملتزما وجب عليه اتباع من التزمه منهم، فإن التزم مذهبهم جميعا فقد تقدم بيان حكمه. نعم، إذا كان كذلك فقد اختلفوا بماذا يأخذ المستفتي: (فَقِيْلَ:) إنه (يَأْخُذُ بِأَوَّلِ فُتْيَا(⁣٦)) مِن أيِّهم حصلت، فيجب اتباعه في تلك الحادثة.


(١) إذ لا يخرج إلا من مفهوم خطاب أو من قياس، فمن عرف ذلك أمكنه التخريج وإن لم يكن مجتهداً؛ لأنه قد صار مطلعاً على المأخذ أهلاً للنظر. منهاج.

(٢) وهو في المذهب بمنزلة المجتهد المطلق في الشرع، حيث يستنبط الأحكام من أصولها، أي: أصول الأحكام. قسطاس.

(٣) وأما الذين يفتون بما حفظوه أو وجدوه في كتب الأصحاب فالظاهر أنهم بمنزلة النقلة والرواة، فيبتني قبول قولهم على حصول شرط الراوي. حا. وقد ذكر هذا صاحب القسطاس بهذا اللفظ.

(٤) ولفظ المعيار مع القسطاس: وإذا اختلف المفتون في المسألة - مع فرض استواء أحوالهم في العلم والورع على بعده - فقد اختلف العلماء في العامي حينئذٍ ما فرضه، فقيل - وهو المختار -: إنهم إذا اختلفوا كذلك خُيّر، فيأخذ بأي الأقوال شاء في أي حادثة من غير حجر، إلى آخر الأقوال. تأمل.

(٥) على بعده، أي: الاستواء؛ لأن الأغلب أنه لا يكاد ينفك التفاوت بين المكلفين. شرح غاية.

(*) قال القاضي في شرحه: واعلم أن المصنف ¦ حكى الأقوال في هذه المسألة ولم يشعر كلامه بالمختار، والذي عليه الجمهور واختاره في المعيار والفصول هو القول بالتخيير؛ للقطع بوقوع ذلك في زمن الصحابة.

(٦) عبارة القسطاس مع لفظ المعيار: وقيل: إن العامّي مُخَيَّر في الرجوع إلى أيهم حتى يأخذ بأول فتوى من أيهم فيتحتم عليه حينئذٍ الأخذ في تلك الحادثة وفي غيرها بِرُخَصِهِ وعزائمه، والالتزام بعروته، والكون تحت فنائه؛ لأنه لما ثبت استواؤهم، وتعلقت المصلحة باتباع أيهم، وقد عمد إلى بعضهم مختاراً - كان العدول عنه إلى غيره مع زيادة الاختصاص - لرجوعه إليه أولاً - ترجيحاً لا لمرجح، وهو تحكم باطل، ولأنه يؤدي إلى التهور.