[التقليد]
  (وَقِيلَ:) بل يأخذ (بِمَا ظَنَّهُ الأَصَحَّ) من أقاويلهم، فيجب عليه العمل به.
  (وَقِيلَ:) بل (يُخَيَّرُ(١)) فيأخذ بأيِّ الأقوال شاء، في أي حادثة من غير حَجْرٍ؛ لأن المفروض استواؤهم في العلم والورع، فليس بعضهم حينئذ أولى من بعض(٢)، فله أن يسأل أوَّلا من شاء، وأن يسأل ثانيًا غيرَ من سأل أوَّلًا. وأيضا فإن ذلك قد وقع في زمن الصحابة وغيرهم، فإن الناس في كل عصر يستفتون المفتين كيف ما اتفق، من غير تفصيل ولا فَرْق ولا التزام لسؤال مفتٍ بعينه، وشاع ذلك ولم ينكر، والله أعلم.
  (وَقِيْلَ:) بل يُفصَّل بأن يقال: (يَأْخُذُ بِالأَخَفِّ) من أقوالهم إذا كان ذلك (فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى)؛ لقوله تعالى: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}[البقرة ١٨٥]، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج ٧٨]، فالأخذ بالأخف في حق الله تعالى يوافق الآيتين. (و) يأخذ (بِالأَشَدِ) منها (فِي حَقِّ العِبَادِ)؛ لأنه أحوط.
  (وَقِيْلَ:) بل (يُخَيَّرُ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى) فيأخذ بأيها شاء؛ لأنه أسمح الغرماء. (و) أما (فِي حَقِّ العِبَادِ) فلا يعمل فيه بقول أيهم، بل (بِحُكْمِ) من(٣) (الحَاكِمِ)؛ لأنه أقطع للشجار، والله أعلم.
  (وَمَنْ لاَ يَعقِلُ مَعنَى التَّقْلِيدِ لِفَرْطِ(٤) عَامِّيتِهِ(٥))، بأن لا يعرف شروط
(١) كما لو اعتدلت الأمارات عند المجتهد عند من قال بالتخيير. منهاج.
(٢) في وجوب الإتباع. فإن قيل: استواء المجتهدين عند المقلد كاستواء الأمارتين عند المجتهد، فلِمَ خيرتم هنا لا هناك؟ و أجيب بأن المجتهد إذا طرح الأمارتين يجد مسلكاً آخر، وهو قضية العقل، ولا كذلك المقلد، فلو طرحهما انسد عليه حكم الحادثة. شرح غاية.
(٣) والحق أنه يجب اتباع الأحوط من الأقوال، فإنه وجه مرجح للانتقال، فيعمل بالعزائم، فإن تكأفأت فالتخيير، وهذا فيما يخصه، وأما فيما يتعلق بالخصومات فالرجوع فيه إلى الحاكم كيف كان؛ قطعاً لها. وتحرم الرخص، فلا يجوز أن يأخذ من مذهب كل مجتهد بالأهون؛ لأدائه إلى الخروج عن الدين. وهو إجماع، إلا ما يروى عن الشيخ أبي اسحاق المروزي، قال المحلي: والظاهر أن النقل عنه سهوٌ؛ لأنه قد روي عنه التفسيق بذلك. شرح غاية.
(*) وهو غير محل النزاع؛ لأن الكلام مع غير الخصام، لا معه فلا رأي له. شرح فصول. معنى.
(٤) أفرط في الأمر، أي: جاوز فيه الحد، والاسم منه الفرط بالتسكين، يقال: إياك والفرط في الأمر. صحاح.
(٥) بأن يكون صرفاً لا رشد له ولا اهتداء إلى معرفة شيء من الفروع، ولا يستند في الأحكام الشرعية =