[الأدلة الشرعية]
  وقال أيضًا: سَرَقَ الشيطانُ من الناس آية، لما ترك بعضهم(١) البسملة(٢).
  واعلم أن في القرآن محكمًا(٣) ومتشابهًا؛ قال الله تعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}[آل عمران ٧]، قوله: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ}، أي: المحكمات أصل الكتاب، بمعنى: أن المتشابه يُرَدُّ إليها.
  (وَالمُحْكَمُ) في اللغة: المتقن(٤)؛ لأن الإحكام: الإتقان، فالقرآن بهذا المعنى كله محكم؛ لإتقانه في حسن نظمه وترتيبه، وفي البلاغة والفصاحة.
  وفي الاصطلاح(٥): (مَا اتَّضَحَ مَعْنَاهُ(٦)) فلم يخْفَ.
  (وَالمُتَشَابِهُ(٧)) في اللغة: ما يُشْبِهُ بعضُهُ بعضًا.
(١) هو معاوية.
(٢) ولإجماع العترة من آل محمد ÷، وإجماعهم حجة قطعية؛ لما يجيء - إن شاء الله تعالى - من الاحتجاج على حجيته. ح غ.
(*) ولم ينكر عليه أحد. شرح مختصر منتهى للأصفهاني.
(٣) أحكمت عبارتها بأن حفظت عن الاحتمال.
(٤) قال السيد داود في شرحه المحكم في اللغة: هو المترتب المنظوم على حسب الغرض. ح معيار.
(٥) أي: في لسان أهل الشرع.
(٦) سواء كان نصًّا، نحو: {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى}[الإسراء ٣٢]، أو ظاهرًا، نحو: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ}[الإسراء ٢٣]، وهذا ذكره ابن الحاجب، وغيره من المجبرة، قال المهدي #: بل هو الذي لم يرد به خلاف ظاهره. قلت: وهذا يؤدي إلى ما ذكره الإمام يحيى حيث قال: ما علم المراد بظاهره بدليل عقلي أو نقلي، لكن ما ذكره الإمام يحيى أولى؛ لدفع إيهام دخول المجمل؛ إذ يصدق عليه عدم إرادة خلاف ظاهره؛ إذ لا ظاهر له فيراد. ح حا. والمحكم: نصٌّ جليٌّ، نحو قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى}. وظاهر، كدلالة العموم. ومفهوم، كدلالة {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ} على تحريم الضرب، إذا لم يعارض. وخاص وإن عارضه عام. ومقيد وإن عارضه مطلق. وما وافقه تحسين، كقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء}[الأعراف ٢٨]، {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا}[الإسراء ١٦]، متشابه في الأظهر؛ مجاز قرينته ضرورية أو جلية.
(٧) تنبيه: اعلم أن ورود المتشابه في الكتاب العزيز لفوائد كثيرة على القول بأنه يفهم المتشابه، أو لمصلحة يعلمها الله تعالى على القول بأنه لا يفهم. وتلك الفوائد: الأولى: الحث على النظر وترك التقليد. ولو ورد كله محكما لم يحتج إلى كلفة نظر. الثانية: زيادة ثواب لمشقة النظر، وهو على قدر المشقة. الثالثة: ليكون بعد النظر فيه أحفظ للعارف لمعناه وأضبط له؛ لأن ما حصل بمشقة فالنفس أحرص عليه مما لم يحصل بمشقة. الرابعة: إرادة إصغاء الكفار إلى سماعه حتى يحصل فهم البيان، وتلزمهم الحجة لله تعالى؛ لأنهم لما أنزل المحكم أعرضوا عن سماعه كما حكى الله تعالى عنهم بقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ}[فصلت ٢٦]، ولما أنزل المتشابه بعد ذلك =