[الدليل الثاني: السنة]
  وأيضًا قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ٩}[الحجر]، فتولَّى تعالى حفظه، وما تولَّى تعالى حفظه حقيق(١) بأن لا يُغَيَّر.
  ووجه الاستدلال بالآية: أن المراد: إما حفظه عن النسيان، أو حفظه عن الزيادة والنقص والتبديل.
  والأول باطل؛ إذ المعلوم أنه قد ينساه بعض من حفظه، فيتعين الثاني؛ إذ لو جَوَّزنا شيئًا من تلك الأمور لكان غير محفوظ، وهو خلاف صريحِ الآية، فتأمل!
[الدليل الثاني: السنة]
  (فَصْلٌ): (وَ) الدليل الثاني: السُّنَّةُ.
  وهي في اللغة: العادة(٢) والطريقة، قال تعالى: {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ(٣)}[آل عمران ١٣٧]، أي: طُرق.
  وفي الاصطلاح: تطلق على ما يقابل الفرض من العبادات، وعلى ما صدر من النبيء ÷ من الأفعال والتقريرات والأقوال التي ليست للإعجاز(٤). وهذا هو المراد هنا؛ ولهذا قال المصنف: (السُّنَّةُ: قَوْلُ(٥) النَّبِيءِ ÷، وَفِعْلُهُ، وَتَقريرُهُ(٦)).
(١) قالوا: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر ٩]، دلالة قوية على أن البسملة آية من كل سورة؛ لأن الله تعالى قد وعد بحفظه، ولا معنى له إلا الصيانة عن التغيير بزيادة أو نقصان، ولو ظن أن الصحابة زادوا لظن أنهم نقصوا، وهو يوجب خروج القرآن عن الحجية.
(٢) إذ سنة كل أحد ما عهدت منه المحافظة عليه والإكثار منه، سواء كان ذلك من الأمور الحميدة أو غيرها. شرح الغاية.
(*) في الأساس وغيره: الطريقة والعادة، وهو حسن، تأمل!
(٣) أي: طرائق في الكفار بإمهالهم ثم أخذهم. جلالين.
(٤) يخرج القرآن وسائر المعجزات.
(٥) والمراد بِـ «قول النبيء ÷» غير القرآن، وقد صرح به عضد الدين.
(٦) ولم يذكر المصنف الترك، والأولى ذكره مع التقرير؛ لأنه في سياق حصر السنة وهو من جملتها، اللهم إلا أن يكون مبنيًّا على أن الترك فعلٌ - كما هو مذهب بعض العلماء، وقواه السبكي - فلا بأس. شرح ابن حابس. لكن ذكره للترك بعد ذكره الفعل في حقيقة التأسي يقضي بعدم اندراجه في الفعل.