[الدليل الثاني: السنة]
  (فَالقَوْل: ظَاهِرٌ)، وهو: اللفظ المفيد(١). ومباحثه: الأمر والنهي، والعام والخاص، وغيرها. والكلام عليها سيأتي في أبوابها مفصلًا، إن شاء الله تعالى.
  (وَهْوَ) أي: القول (أَقْوَاهَا) أي: أقوى أقسام السُّنَّة، فيرجع إليه عند التعارض بينها. وإنما كان أقواها لأنه وُضِع لإفادة المخاطب، بخلافهما(٢).
  ولأن الفعل يختص بالمحسوس فقط، والقول يفيد في المحسوس والمعقول(٣). ولأنه متفق على الاستدلال به، بخلافهما، إلى غير ذلك، والله أعلم.
  ثم بعده الفعل، ثم بعده التقرير(٤).
  (وأَمَّا الفِعْلُ(٥)) فالمراد به فعل النبيء ÷، وحكم اتَّباعه فيه، والتأسي به؛ وذلك مبنيٌّ على مقدمة، وهي الكلام في عصمة(٦) الأنبياء $، فنقول: اعلم أن الأكثر من أهل العدل على أن الأنبياء $ يمتنع عليهم الكبائر من وقت التكليف؛ لأن في ذلك(٧) هضمًا واحتقارًا لهم، فتنفر الطبائع عن اتباعهم، فيُخِلُّ(٨) بالحكمة من بعثهم، وذلك قبيح عقلًا.
(١) حقيقة المفيد هنا: هو اللفظ المشتمل على نسبة تامة بين الجزأين المستفاد منهما حكم، ليخرج ما لا يستفاد منه حكم. وقد أفاد هذا بقوله: «ومباحثه: الأمر ..» الخ.
(٢) إذ حكاية الفعل محتملة.
(٣) كالعقائد العلمية.
(٤) «ثم التقرير» نخ.
(٥) وحقيقته: ما وجد من جهة من كان قادرًا عليه. شرح ابن حابس.
(٦) ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها. تعريفات.
(*) والعصمة: رد النفس عن تعمد فعل المعصية أو ترك الطاعة مستمرًا؛ لحصول اللطف والتنوير عند عروضهما. شرح ابن حابس. قوله: «رد النفس» هذا يدل على أن العصمة فاعلها الأنبئاء خلاف ما يروى عن بعض المعتزلة. وروى الدواري عن أئمة الزيدية: أنها من فعل الله، على معنى: أنه يسبل عليهم ألطافًا خفية يمتنعون معها عن المعصية. حاشية ابن حابس على شرحه.
(*) وثبوتها وقت التكليف عند جمهور المعتزلة، وهو المختار. وعند أبي الهذيل وأبي علي وجمهور الأشعرية وقت النبوءة. ح حا.
(٧) أي: عدم الامتناع.
(٨) أي: تجويز تلبسهم بالمعصية.