الكاشف لذوي العقول،

أحمد بن محمد لقمان (المتوفى: 1039 هـ)

[الدليل الثاني: السنة]

صفحة 77 - الجزء 1

  المسكوت عنه؛ إذ لو كان منكرًا لما سكت عنه؛ لأن سكوته عن المنكر - مع تكامل الشروط المذكورة - لا يجوز.

  (واعلم أنه لا تعارض(⁣١) في أفعاله ÷) التعارض بين الأمرين: هو تقابلهما على وجه يمنع كل واحد منهما مقتضى صاحبه. ولا يُتَصور التعارض بين الفعلين بحيث يكون أحدهما ناسخا للآخر أو مخصصا له؛ لأنهما إن لم تتناقض⁣(⁣٢) أحكامهما فلا تعارض، وإن تناقضت فكذلك أيضا، نحو: صوم يوم وإفطاره؛ لأن الفعلين إنما يقعان في وقتين⁣(⁣٣) متباينين، ويجوز أن يكون الفعل في وقت واجبا وفي مثل ذلك الوقت بخلافه⁣(⁣٤)، فحينئذ يُقطع بتأخر أحدهما، فيمكن التأسي به ÷ فيهما، فنكون متعبدين بالفعل في وقت، وبالترك في آخر، إلا أن يكون مع الفعل الأول قول مقتضٍ لتكرره، فإن الفعل الثاني قد يكون ناسخا لذلك القول⁣(⁣٥)، لا للفعل⁣(⁣٦)، فتأمل!


(*) أي: على جواز ذلك الفعل من فاعله مطلقا، ومن غيره أيضًا؛ إذ ثبت أن حكمه على الواحد حكمه على الجماعة على المختار، سواء سبق ذلك الفعل تحريم أم لا، ولكنه إن سبق تحريم له فنسخ، أي: فالتقرير نسخ لذلك المحرم خصوصا أو عموما. قوله: «فنسخ ..» الخ إن لم يمكن التخصيص بأن تراخى عن وقت الحاجة، فأما إذا أمكن التخصيص حمل عليه جمعا بين الدليلين.

(*) صوابه جوازه، أي: كونه مشروعا وجوبا، أو ندبا، أو كراهة، أو إباحة، للمقرر مطلقًا، ولغيره إما لمشاركته في علته، وإما لأن حكمه على الواحد حكمه على الجماعة. طبري.

(١) في شرح الورقات: إن التعارض في الاصطلاح: توارد معنيين مختلفين على محل واحد بحيث يثبت أحدهما ما ينفي الآخر.

(٢) كأن يكونا متماثلين، كصلاة الظهر في وقتين، أو مختلفين يتصور اجتماعهما في وقت؛ كالصوم والصلاة، أو لا يتصور اجتماعهما في وقت؛ كصلاة الظهر والعصر، فلا خفاء في عدم التعارض؛ لإمكان الجمع بين أحكامهما. ح غ.

(٣) كصوم في يوم معين، وأكل في آخر مثله. كذا في شرح الغاية.

(٤) أي: مندوبا؛ كصوم عاشوراء.

(٥) كأن يصلي ركعتي الضحى ثم يقول: أوجبتها عليكم - مثلا -، ثم لم يفعلها.

(٦) أي: لا يكون الفعل الثاني ناسخا لحكم الفعل الأول أما بالنظر إلى الاستقبال فلأن الفعل لا يقتضي التكرار، فلا حكم حتى يرفع. وأما بالنظر إلى ما مضى فلأن رفع ما وجد محال، فتعين أن يكون ناسخا لحكم الدليل الدال على وجوب التكرار. سعد الدين.