[الدليل الثاني: السنة]
  الشهادة، أو الرواية، ويكفي فيه(١) خبر واحد، كما يأتي.
  والثاني: التزكية، وهي تحصل بأحد أمور ثلاثة:
  الأول - وهو أعلاها بعد القول -: (بأن يحكم بشهادته(٢) حاكم(٣) يشترط العدالة(٤)) في الشهادة، فإن كان لا يشترطها - بأن كان ممن يرى قبول شهادة الفاسق(٥) الذي عُرف منه أنه لا يكذب - لم يكن حكمه تعديلًا.
  (و) الثاني - وهو بعده -: (بعمل العالم(٦) بروايته)، إذا كان يرى العدالة شرطًا في قبول الرواية، وإن كان لا يراها شرطًا فلا.
  قيل: وكذا لا يكون العمل تعديلا إذا أمكن حمله على الاحتياط، أي: إن صح ثبوته فقد خرج عن العهدة، أو على العمل(٧) بدليل آخر وافق الخبر.
  قلت: هذا صحيح لعدم الجزم - حينئذ - بأن العمل كان لأجل ذلك الخبر(٨)، فافهم، والله أعلم.
  الثالث من طُرُقِ التزكية: قوله: (قيل: وبرواية العدل عنه) وهذا هو أضعفها.
  واعلم أنه قد اختلف في رواية العدل: هل هي تعديلٌ للمرويِّ عنه أم لا؟
(١) «فيها» نخ.
(٢) قال ابن الحاجب: وليس من الجرح ترك العمل بشهادة رجل أو روايته؛ لاحتمال معارض.
(٣) يعني: أن الحاكم إذا حكم بشهادة رجل أو امرأة، وعلمنا حكمه - ثبتت لنا عدالة المحكوم بشهادته؛ فتقبل روايته عن غيره، وتقبل شهادته، ولا يبحث بعد ذلك عن عدالته، إلا أن يظهر منه بعد ذلك ما يوجب الجرح. منهاج.
(٤) وهو اتفاقٌ، اللهم إلا أن يطرأ أمر يوجب الجرح.
(٥) والمراد بالفاسق: فاسق التأويل، وأما فاسق التصريح فلا تقبل روايته إجماعًا. ح حا. من قوله: «وشرط قبولها العدالة».
(٦) يعني: أن العالم إذا روى له رجل أو امرأة حديثًا، فقبل روايتهما، وعمل بمقتضى ذلك الحديث، ولم ينقله إليه غيرهما، وعلمنا أن ذلك العالم لا يقبل الرواية إلا من عدل - كان عمله بروايتهما تعديلا لهما كحكم الحاكم؛ لأن عمله جارٍ مجرى النطق بالتعديل، وذلك واضح كما ترى. منهاج. قوله: «إلا من عدل ..» الخ محقق العدالة، لا من المجهول، وهذا متفق عليه. ح غ.
(٧) أي: أو أمكن حمله.
(٨) بل احتياطًا، أو للخبر الأول.