باب فى التفسير على المعنى دون اللفظ
  ومن ذلك قول الله ø: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}[ق: ٣٠] قالوا: معناه: قد امتلأت؛ وهذا أيضا تفسير على المعنى دون اللفظ، و (هل) مبقّاة على استفهامها. وذلك كقولك للرجل لا تشك فى ضعفه عن الأمر: هل ضعفت عنه، وللإنسان (يحبّ الحياة): هل تحبّ الحياة، أى فكما تحبّها فليكن حفظك نفسك لها، وكما ضعفت عن هذا الأمر فلا تتعرّض لمثله مما تضعف عنه. وكأن الاستفهام إنما دخل هذا الموضع ليتبع الجواب عنه بأن يقال: نعم (فإن كان كذلك) فيحتجّ عليه باعترافه به، فيجعل ذلك طريقا إلى وعظه أو تبكيته. ولو لم يعترف فى ظاهر الأمر به لم يقو توقيفه عليه، وتحذيره من مثله، قوّته إذا اعترف به؛ لأن الاحتجاج على المعترف أقوى منه على المنكر أو المتوقّف؛ فكذلك قوله سبحانه: هل امتلات، فكأنها قالت: لا، فقيل لها: بالغى فى إحراق المنكر (كان لك) فيكون هذا خطابا فى اللفظ لجهنم، وفى المعنى للكفار.
  (وكذلك) جواب هذا من قولها: هل من مزيد، أى أتعلم يا ربنا أن عندى مزيدا؟
  فجواب هذا منه - عزّ اسمه - لا، أى فكما تعلم أن لا مزيد فحسبى ما عندى.
  فعليه قالوا فى تفسيره: قد امتلأت، فتقول: ما من مزيد. فاعرف هذا ونحوه.
  وبالله التوفيق.
  * * *