الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى مراجعة أصل واستئناف فرع

صفحة 125 - الجزء 2

باب فى مراجعة أصل واستئناف فرع

  اعلم أن كل حرف غير منقلب احتجت إلى قلبه فإنك حينئذ ترتجل له فرعا، ولست تراجع به أصلا.

  من ذلك الألفات غير المنقلبة الواقعة أطرافا للإلحاق أو للتأنيث أو لغيرهما من الصيغة لا غير.

  فالتى للإلحاق كألف أرطى فيمن قال: مأروط⁣(⁣١)، وحبنطى، ودلنظى. والتى للتأنيث كألف سكرى، وغضبى، وجمادى. والتى للصيغة لا غير كألف ضبغطرى وقبعثرى، وزبعرى. فمتى احتجت إلى تحريك واحدة من هذه الألفات للتثنية أو الجمع قلبتها ياء، فقلت: أرطيان وحبنطيان، وسكريان، وجماديات، وحباريات، وضبغطريان، وقبعثريان. فهذه الياء فرع مرتجل، وليست مراجعا بها أصل؛ ألا ترى أنه ليس واحدة منها منقلبة أصلا لا عن ياء ولا غيرها.

  وليست كذلك الألف المنقلبة؛ كألف مغزى ومدعى؛ لأن هذه منقلبة عن ياء منقلبة عن واو فى غزوت ودعوت (وأصلهما) مغزو، ومدعو، فلمّا وقعت الواو رابعة هكذا قلبت ياء، فصارت مغزى ومدعى، ثم قلبت الياء ألفا فصارت مدعى ومغزى؛ فلمّا احتجت إلى تحريك هذه الألف (راجعت بها الأصل) الأقرب وهو الياء، فصارتا ياء فى قولك: مغزيان ومدعيان.

  وقد يكون الحرف منقلبا فيضطرّ إلى قلبه، فلا تردّه إلى أصله الذى كان منقلبا عنه. وذلك قولك فى حمراء: حمراوىّ، وحمراوات⁣(⁣٢). وكذلك صفراوىّ، وصفراوات. فتقلب الهمزة واوا وإن كانت منقلبة عن ألف التأنيث؛ كالتى فى نحو بشرى وسكرى. وكذلك أيضا إذا نسبت إلى شقاوة فقلت: شقاوىّ. فهذه الواو فى (شقاوىّ) بدل من همزة مقدرة، كأنّك لمّا حذفت الهاء فصارت الواو


(١) يقال: أديم مأروط؛ أى مدبوغ بورق الأرطى، وهو شجر.

(٢) أى فى جمع حمراء وصفراء. وحمراء وصفراء وصفان لا يجمعان بالألف والتاء عند جمهور النحويين. فإن كانتا علمين جاز جمعهما هذا الجمع بلا خلاف. (النجار).