الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى إجراء المتصل مجرى المنفصل

صفحة 324 - الجزء 2

باب فى إجراء المتصل مجرى المنفصل

  وإجراء المنفصل مجرى المتصل

  فمن الأوّل قولهم: اقتتل القوم، واشتتموا. فهذا بيانه (نحو من بيان) (شئت تلك) وجعل لك؛ إلا أنه أحسن من قوله:

  * الحمد لله العلىّ الأجلل⁣(⁣١) *

  (وهذا) لأن هذا إنما يظهر مثله ضرورة، وإظهار نحو اقتتل واشتتم مستحسن، وعن غير ضرورة.

  وكذلك باب قولهم: هم يضربوننى، هما يضرباننى، أجرى - وإن كان متصلا - مجرى يضربان نعم، ويضربون نافعا. ووجه الشبه بينهما أن نون الإعراب هذه لا يلزم أن يكون بعدها نون؛ ألا ترى أنك تقول: يضربان زيدا، ويكرمونك، ولا تلزم هى أيضا، نحو لم يضربانى. ومن ادّغم نحو هذا واحتجّ بأن المثلين فى كلمة واحدة فقال: يضربانىّ و (قال تحاجّونّا) فإنه يدغم أيضا نحو اقتتل، فيقول: قتّل.

  ومنهم من يقول: قتّل، ومنهم من يقول: قتّل. ومنهم من يقول: اقتّل، فيثبت همزة الوصل مع حركة القاف، لمّا كانت الحركة عارضة للنقل أو (لالتقاء) الساكنين. وهذا مبيّن فى فصل الادغام.

  ومن ضدّ ذلك قولهم: ها الله ذا، أجرى مجرى دابّة وشابّة. وكذلك قراءة من قرأ: {فَلا تَتَناجَوْا}⁣(⁣٢) [المجادلة: ٩] و {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها}⁣(⁣٣) [الأعراف: ٣٨] ومنه - عندى - قول الراجز: - فيما أنشده أبو زيد -:

  من أىّ يومىّ من الموت أفر ... أيوم لم يقدر أم يوم قدر⁣(⁣٤)


(١) سبق تخريجه.

(٢) القراءة بإدغام التاءين فى (تتناجوا) وهى قراءة ابن محيصن. وانظر البحر ٨/ ٢٣٤.

(٣) وهو يريد القراءة بإثبات ألف (إذا) على الجمع بين الساكنين. وهى قراءة عصمة عن أبى عمرو. وانظر تفسير القرطبى ٧/ ٢٠٤.

(٤) الرجز للإمام على بن أبى طالب فى ديوانه ص ٧٩، وحماسة البحترى ص ٣٧، وللحارث بن =