الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى حكم المعلول بعلتين

صفحة 202 - الجزء 1

باب فى حكم المعلول بعلتين

  وهو على ضربين: أحدهما ما لا نظر فيه؛ والآخر محتاج إلى النظر.

  الأوّل منهما نحو قولك: هذه عشرىّ، وهؤلاء مسلمىّ. فقياس هذا على قولك: عشروك ومسلموك أن يكون أصله عشروى ومسلموى، فقلبت الواو ياء لأمرين كلّ واحد منهما موجب للقلب، غير محتاج إلى صاحبه للاستعانة به على قلبه: أحدهما اجتماع الواو والياء وسبق الأولى منهما بالسكون؛ والآخر أن ياء المتكلّم أبدا تكسر الحرف الذى قبلها إذا كان صحيحا، نحو هذا غلامى، ورأيت صاحبى؛ وقد ثبت فيما قبل أن نظير الكسر فى الصحيح الياء فى هذه الأسماء؛ نحو مررت بزيد، ومررت بالزيدين، ونظرت إلى العشرين. فقد وجب إذا ألا يقال: هذه عشروى بالواو، كما لا يقال: هذا غلامى بضمّ الميم. فهذه علّة غير الأولى فى وجوب قلب الواو ياء فى عشروى وصالحوى ونحو ذلك، وأن يقال عشرىّ بالياء البتّة؛ كما يقال هذا غلامى بكسر الميم البتّة.

  ويدلّ على وجوب قلب هذه الواو إلى الياء فى هذا الموضع من هذا الوجه ولهذه العلّة لا للطريق الأوّل - من استكراههم إظهار الواو ساكنة قبل الياء - أنهم لم يقولوا: رأيت فاى، وإنما يقولون: رأيت فى. هذا مع أنّ هذه الياء لا ينكر أن تأتى بعد الألف؛ نحو رحاى وعصاى؛ لخفّة الألف، فدلّ امتناعهم من إيقاع الألف قبل هذه الياء على أنه ليس طريقه طريق الاستخفاف والاستثقال، وإنما هو لاعتزامهم ترك الألف والواو قبلها؛ كتركهم الفتحة والضمّة قبل الياء فى الصحيح؛ نحو غلامى ودارى.

  فإن قيل: فأصل هذا إنما هو لاستثقالهم الياء بعد الضمة لو قالوا: هذا غلامى، قيل: لو كان لهذا الموضع البتّة، لفتحوا ما قبلها؛ لأن الفتحة على كل حال أخفّ قبل الياء من الكسرة، فقالوا: رأيت غلامى. فإن قيل: لمّا تركوا الضمّة هنا وهى علم للرفع أتبعوها الفتحة؛ ليكون العمل من موضع واحد، كما أنهم لمّا استكرهوا الواو بعد الياء نحو يعد حذفوها أيضا بعد الهمزة والنون والتاء فى نحو أعد،