الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى خصوص ما يقنع فيه

صفحة 307 - الجزء 2

باب فى خصوص ما يقنع فيه

  من أحكام صناعة الإعراب

  وذلك كأن تقول فى تخفيف همزة نحو صلاءة وعباءة: لا تلقى حركتها على الألف؛ لأن الألف لا تكون مفتوحة أبدا. فقولك: (مفتوحة) تخصيص لست بمضطرّ إليه؛ ألا ترى أن الألف لا تكون متحرّكة أبدا بالفتحة ولا غيرها. وإنما صواب ذلك أن تقول: لأن الألف لا تكون متحرّكة أبدا.

  وكذلك لو قلت: لأن الألف لا تلقى عليها حركة الهمزة لكان - لعمرى - صحيحا كالأوّل؛ إلا أن فيه تخصيصا يقنع منه عمومه.

  فإن قلت: استظهرت بذلك للصنعة، قيل: لا، بل استظهرت به عليها؛ ألا ترى أنك إذا قلت: إن الألف لا تكون مفتوحة أبدا جاز أن يسبق إلى نفس من يضعف نظره أنها وإن لم تكن مفتوحة فقد يجوز أن تكون مضمومة أو مكسورة.

  نعم، وكذلك إذا قلت: إنها لا تلقى عليها حركة الهمزة جاز أن يظنّ أنها تلقى عليها حركة غير الهمزة. (فإذا أنت قلت: لا يلقى عليها الحركة) أو لا تكون متحركة أبدا احتطت للموضع واستظهرت للفظ والمعنى.

  وكذلك لو قلت: إنّ ظننت وأخواتها تنصب مفعوليها المعرفتين - نحو ظننت أخاك أباك - لكنت - لعمرى - صادقا، إلا أنك مع ذلك كالموهم به أنّه إذا كان مفعولاها نكرتين كان لها حكم غير حكمها إذا كانا معرفتين. ولكن إذا قلت: ظننت وأخواتها تنصب مفعوليها عممت الفريقين بالحكم، وأسقطت الظنّة عن المستضعف الغمر، وذكرت هذا النحو من هذا اللفظ حراسة له، وتقريبا منه، ونفيا لسوء المعتقد عنه.

  * * *