الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى شجاعة العربية

صفحة 140 - الجزء 2

باب فى شجاعة العربية

  اعلم أن معظم ذلك إنما هو الحذف، والزيادة، والتقديم، والتأخير، والحمل على المعنى، والتحريف.

الحذف

  قد حذفت العرب الجملة، والمفرد، والحرف، والحركة. وليس شيء من ذلك إلا عن دليل عليه. وإلا كان فيه ضرب من تكليف علم الغيب فى معرفته.

  فأمّا الجملة فنحو قولهم فى القسم: والله لا فعلت، وتالله لقد فعلت.

  وأصله: أقسم بالله، فحذف الفعل والفاعل، وبقيت الحال - من الجارّ والجواب - دليلا على الجملة المحذوفة. وكذلك الأفعال فى الأمر والنهى والتحضيض؛ نحو قولك: زيدا، إذا أردت: اضرب زيدا أو نحوه. ومنه إيّاك إذا حذّرته؛ أى احفظ نفسك ولا تضعها، والطريق الطريق، وهلا خيرا من ذلك. وقد حذفت الجملة من الخبر؛ نحو قولك: القرطاس والله؛ أى أصاب القرطاس. وخير مقدم؛ أى قدمت خير مقدم. وكذلك الشرط فى نحو قوله: الناس مجزيّون بأفعالهم إن خيرا فخيرا وإن شرّا فشرّا؛ أى إن فعل المرء خيرا جزى خيرا، وإن فعل شرّا جزى شرّا. ومنه قول التغلبىّ:

  *إذا ما الماء خالطها سخينا⁣(⁣١) *

  (أى فشربنا سخينا)، وعليه قول الله سبحانه: {فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ


(١) البيت من الوافر، وهو لعمرو بن كلثوم فى ديوانه ص ٦٤، ولسان العرب (كلح)، (حصص)، (سخن)، وكتاب العين ١/ ٧١، والمخصص ٣/ ٢، ١٥/ ٦٠، والأغانى ١١/ ٤٥، وجمهرة أشعار العرب ١/ ٣٨٩، والخزانة ٣/ ١٧٨، وشرح ديوان امرئ القيس ص ٣٢٠، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقى ١/ ١٨٨، وشرح القصائد السبع ص ٣٧٢، وشرح القصائد العشر ص ٣٢١، وشرح المعلقات السبع ص ١٦٥، وشرح المعلقات العشر ص ٨٨، وشعراء النصرانية ص ٤٥٥، وللتغلبى فى تاج العروس (طلح)، ومقاييس اللغة ٢/ ١٣، ٣/ ١٦٨، وديوان الأدب ٤/ ٩٢، وبلا نسبة فى أساس البلاغة (حصص).