الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الامتناع من تركيب ما يخرج عن السماع

صفحة 405 - الجزء 1

باب فى الامتناع من تركيب ما يخرج عن السماع

  سألت أبا علىّ | فقلت: من أجرى المضمر مجرى المظهر فى قوله (أعطيتكمه) فأسكن الميم مستخفّا، كما أسكنها فى قوله: أعطيتكم درهما، كيف قياس قوله (على قول الجماعة)⁣(⁣١): أعطيته درهما إذا أضمر الدرهم، على قول الشاعر:

  له رجل كأنّه صوت حاد ... إذا طلب الوسيقة أو زمير⁣(⁣٢)

  إذا وقع ذلك قافية؟ فقال: (لا يجوز ذلك) فى هذه المسألة، وإن جاز فى غيرها، لا لشيء يرجع إلى نفس حذف الواو من قوله: (كأنه صوت حاد) لأن هذا أمر قد شاع عنهم، وتعولمت فيه لغتهم، بل لقرينة انضمّت إليه ليست مع ذلك؛ ألا ترى أنه كان يلزمك على ذلك أن تقول: أعطيتهه، خلافا على قول الجماعة: أعطيتهوه. فإن جعل الهاء الأولى رويّا، والأخرى وصلا، لم يجز ذلك؛ لأن الأولى ضمير والتاء متحركة قبلها، وهاء الضمير لا تكون رويّا، إذا تحرّك ما قبلها. فإن قلت: أجعل الثانية رويّا، فكذلك أيضا؛ لأن الأولى قبلها متحرّكة. فإن قلت: أجعل التاء رويّا، والهاء الأولى وصلا، قيل: فما تصنع بالهاء الثانية؟ أتجعلها خروجا؟ هذا محال؛ لأن الخروج لا يكون إلا أحد الأحرف الثلاثة: الألف والياء والواو. فإذا أدّاك تركيب هذه المسألة فى القافية إلى هذا الفساد وجب ألا يجوز ذلك أصلا. فأما فى غير القافية فشائعة جائزة. هذا محصول معنى أبى علىّ، فأمّا نفس لفظه فلا يحضرنى الآن حقيقة صورته.

  وإذا كان كذلك وجب إذا وقع نحو هذا قافية أن تراجع فيه اللغة الكبرى،


(١) قال الأستاذ: محمد على النجار فى (ط) هذه العبارة فى الأصول، وهى قلقة فى هذا المكان، ولو حذفت وضح المراد، وقد يكون الأصل: «على خلاف قول الجماعة».

(٢) البيت من الوافر، وهو للشماخ فى ديوانه ص ١٥٥، والدرر ١/ ١٨١، وشرح أبيات سيبويه ١/ ٤٣٧، والكتاب ١/ ٣٠، ولسان العرب (ها)، وبلا نسبة فى الإنصاف ٢/ ٥٦١، والأشباه والنظائر ٢/ ٣٧٩، وخزانة الأدب ٢/ ٣٨٨، ٥/ ٢٧٠، ٢٧١، ولسان العرب (زجل)، والمقتضب ١/ ٢٦٧، وهمع الهوامع ١/ ٥٩.