باب فى فرق بين البدل والعوض
باب فى فرق بين البدل والعوض
  جماع ما فى هذا أن البدل أشبه بالمبدل منه من العوض بالمعوّض منه. وإنما يقع البدل فى موضع المبدل منه، والعوض لا يلزم فيه ذلك؛ ألا تراك تقول فى الألف من قام: إنها بدل من الواو التى هى عين الفعل، ولا تقول فيها: إنها عوض منها، وكذلك يقال فى واو جون وياء مير: إنها بدل للتخفيف من همزة جؤن ومئر(١)، ولا تقول: إنها عوض منها. وكذلك تقول فى لام غاز، وداع: إنها بدل من الواو، ولا تقول: إنها عوض منها. وتقول فى العوض: إن التاء فى عدة، وزنة، عوض من فاء الفعل، ولا تقول: إنها بدل منها. فإن قلت ذاك فما أقلّه! وهو تجوّز فى العبارة. وسنذكر لم ذلك. وتقول فى ميم (اللهمّ): إنها عوض من (يا) فى أوّله، ولا تقول: بدل. وتقول فى ياء زنادقة: إنها عوض من ياء زناديق، ولا تقول: بدل. وتقول فى ياء (أينق): إنّها عوض من عين (أنوق) فيمن جعلها أيفل، ومن جعلها عينا مقدّمة مغيّرة إلى الياء، جعلها بدلا من الواو.
  فالبدل أعمّ تصرّفا من العوض. فكل عوض بدل، وليس كل بدل عوضا.
  وينبغى أن تعلم أن العوض من لفظ (عوض) - وهو الدهر - ومعناه؛ قال الأعشى:
  رضيعى لبان ثدى أمّ تقاسما ... بأسحم داج: عوض لا نتفرّق(٢)
  والتقاؤهما أن الدهر إنما هو مرور الليل والنهار، وتصرّم أجزائهما، فكلّما
(١) الجؤن جمع الجؤنة: سلّة مستديرة مغشّاة أدما يجعل فيها الطّيب والثّياب. اللسان (جأن). مئر جمع مئرة وهى الذحل والعداوة.
(٢) البيت للأعشى فى ديوانه ص ٢٧٥، وأدب الكاتب ص ٤٠٧، وإصلاح المنطق ص ٢٩٧، والأغانى ٩/ ١١١، وجمهرة اللغة ص ٩٠٥، وخزانة الأدب ٧/ ١٣٨، ١٤٠، ١٣٤، ١٤٤، الدرر ٣/ ١٣٣، وشرح شواهد المغنى ١/ ٣٠٣ وشرح المفصل ٤/ ١٠٧، والصاحبى فى فقه اللغة ص ١٥٦، ولسان العرب (عوض)، (سحم)، (لبن) ومغنى اللبيب ١/ ١٥٠، وبلا نسبة فى الاشتقاق ص ٢٤٠، والإنصاف ١/ ٤٠١، وهمع الهوامع ١/ ٢١٣، وتاج العروس (عوض)، (سحم).