الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى قوة اللفظ لقوة المعنى

صفحة 467 - الجزء 2

  عزّ اسمه -: {لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ}⁣[البقرة: ٢٨٦]؛ لا فرق بينهما.

  وذاكرت بهذا الموضع بعض أشياخنا من المتكلمين فسّر به، وحسن فى نفسه.

  ومن ذلك أيضا قولهم: رجل جميل، ووضيء؛ فإذا أرادوا المبالغة فى ذلك قالوا: وضّاء، وجمّال، فزادوا فى اللفظ (هذه الزيادة) لزيادة معناه؛ قال:

  والمرء يلحقه بفتيان الندى ... خلق الكريم وليس بالوضّاء⁣(⁣١)

  وقال:

  تمشى بجهم حسن ملّاح ... أجمّ حتى همّ بالصياح⁣(⁣٢)

  وقال:

  * منه صفيحة وجه غير جمّال*

  وكذلك حسن وحسّان؛ قال:

  دار الفتاة التى كنا نقول لها ... يا ظبية عطلا حسّانة الجيد⁣(⁣٣)

  وكأن أصل هذا إنما هو لتضعيف العين فى نحو المثال؛ نحو قطّع وكسّر وبابهما.

  وإنما جعلنا هذا هو الأصل لأنه مطرد فى بابه أشدّ من اطّراد باب الصفة.

  وذلك نحو قولك: قطع وقطّع، وقام الفرس وقوّمت الخيل، ومات البعير وموّتت الإبل؛ ولأن العين قد تضعّف فى الاسم الذى ليس يوصف، نحو قبّر وتمّر وحمر⁣(⁣٤). فدلّ ذلك على سعة زيادة العين. فأما قولهم: خطّاف وإن كان اسما


(١) البيت من الكامل، وهو لأبى صدقة الدبيرى فى لسان العرب (وضأ)، وتاج العروس (وضأ)، والمخصص ١٦/ ٣٤، وبلا نسبة فى المخصص ٢/ ١٥٣، ١٥/ ٨٩، وأساس البلاغة (وضأ).

(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (ملح)، وتاج العروس (ملح). يعنى بالجهم فرجها. اللسان (ملح).

(٣) البيت من البسيط، وهو للشماخ فى ديوانه ص ١١٢، وإصلاح المنطق ص ١٠٨، وشرح شواهد الإيضاح ص ٥٨٧، وشرح المفصل ٥/ ٦٦، ولسان العرب (حمم)، (حسن)، وكتاب العين ٢/ ٩، والمنصف ١/ ٢٤٢.

(٤) قبّر ونمّر وحمر: من الطيور.