الخصائص لابن جني،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب فى الاستخلاص من الأعلام معانى الأوصاف

صفحة 472 - الجزء 2

  ومنه قول الآخر:

  إن الذئاب قد اخضرّت براثنها ... والناس كلّهم بكر إذا شبعوا⁣(⁣١)

  أى إذا شبعوا تعادوا وتغادروا؛ لأن بكرا هكذا فعلها.

  ونحو من هذا - وإن لم يكن الاسم المقول عليه علما - قول الآخر:

  ما أمّك اجتاحت المنايا ... كلّ فؤاد عليك أمّ⁣(⁣٢)

  كأنه قال: كلّ فؤاد عليك حزين أو كئيب؛ إذ كانت الأمّ هكذا غالب أمرها، لا سيما مع المصيبة، وعند نزول الشدّة.

  ومثله فى النكرة أيضا قولهم: مررت برجل صوف تكّته، أى خشنة، ونظرت إلى رجل خزّ قميصه أى ناعم، ومررت بقاع عرفج⁣(⁣٣) كلّه أى جاف وخشن. وإن جعلت (كله) توكيدا لما فى (عرفج) من الضمير فالحال واحدة؛ لأنه لم يتضمّن الضمير إلا لما فيه من معنى الصفة.

  ومن العلم أيضا قوله:

  * أنا أبو بردة إذ جدّ الوهل*

  أى أنا المغنى والمجدى عند اشتداد الأمر.

  وقريب منه قوله:

  * أنا أبوها حين تستبغى أبا⁣(⁣٤) *

  أى أنا صاحبها، وكافلها وقت حاجتها إلى ذلك:


(١) البيت من البسيط، وهو بلا نسبة فى لسان العرب (بكر). براثن الذئاب مخالبها بمنزلة الأصابع للإنسان. أراد إذا شبعوا تعادوا وتغاوروا لأنّ بكرا كذا فعلها. اللسان (بكر).

(٢) البيت من مخلع البسيط، وهو بلا نسبة فى تخليص الشواهد، ص ١٦٦، وخزانة الأدب ٥/ ٢٦٧.

(٣) العرفج: شجر له ثمرة خشناء كالحسك.

(٤) تستبغى: أى تبغى وتطلب.